كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

المبحث السادس: صفة الحُجْزَةِ (¬١)
إن أهل السُّنَّة والجماعة يثبتون صفة الحُجْزَةِ (¬٢) لله تعالى.
وقال أهل التأويل: بعدم ثبوت صفة الحجزة لله تعالى (¬٣).
أدلة المثبتين:
- الدليل الأول: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ. قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَذَاكِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] (¬٤).
- الدليل الثاني: عن ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ (¬٥) آخِذَةٌ بِحُجْزَةِ الرَّحْمَنِ، يَصِلُ مَنْ وَصَلَهَا، وَيَقْطَعُ مَنْ قَطَعَهَا (¬٦).
وجه الدلالة من الحديث:
دلَّت هذه الأحاديث على أنَّ الحُجْزَةَ من صفات الله تعالى.
_________
(¬١) بوب المصنف لصفة الحُجْزَةِ وأخرج حديثا فيه، سيأتي برقم [٨٤٦].
(¬٢) الحَقْوُ وَالحُجْزَةُ: مَوْضِعُ عَقْدِ الإِزَارِ وَشَدِّهِ. النهاية في غريب الحديث (١/ ٣٤٤) مادَّة: حجز. لسان العرب (١٤/ ١٨٩) مادَّة: حقا.
(¬٣) الأسنى في شرح أسماء الله الحسنة، محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي (٢/ ٨٢)، قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر، القنوجي (ص ٧١).
(¬٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب: {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] (٦/ ١٣٤) (٤٨٣٠).
(¬٥) الشَّجَنُ والشِّجْنةُ والشُّجْنةُ والشَّجْنةُ: الغُصْنُ الْمُشْتَبِكُ، أو عُرُوقُ الشَّجَرِ الْمُشْتَبِكَةُ. لسان العرب (١٣/ ٢٣٣) مادَّة: شجن.
(¬٦) أخرجه أحمد في المسند (٣٠٠١). صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند. وسيأتي [٨٤٦].

الصفحة 74