كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

قَالَ: «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ» (¬١).
وعزى ابنُ حجر (¬٢) هذا القول إلى شيخه عمر بن رسلان البلقيني (¬٣).
مناقشة:
(هذا على مذهب أهل التَّأويل المذموم، والصَّواب عدم حمل كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على الاصطلاحات الحادثة بعد مضيِّ عصر الصَّحابة - رضي الله عنهم - وأتباعهم؛ لأنَّ الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - خاطبا النَّاس بلغة العرب، والمخاطَبون فهموا مراده، وما كانوا يفرِّقون بين الحقيقة والمجاز) (¬٤).
أقول: تقسيم الألفاظ إلى "حقيقة ومجاز"، لم يوجد في عصر الصحابة - رضي الله عنهم - ولا التابعين، إنما استحدث بعدهم بزمن.
- الدليل الثاني: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: ٢٢] (¬٥).
_________
(¬١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ ... } إلى قوله - {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ١٤٣] (٤/ ١٥٣) (٣٣٩٨).
(¬٢) فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٤١٨).
(¬٣) شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقيني الكناني، مجتهد عصره، وعالم المائة الثامنة، له شرح على جامع الترمذي سماه: "الْعرف الشذي على جَامع التِّرْمِذِيّ"، توفي سنة (٨٠٥ هـ). حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (١/ ٣٢٩) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٤/ ٤٢، ترجمة ٧٣٧)
(¬٤) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، عبد الله بن محمد الغنيمان (٢/ ٣٨٢).
(¬٥) تقدم تخريجه في صفحة (٧٤).

الصفحة 76