كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

القول الأول: أنَّ الله تعالى له حَدٌّ لا يعلمه أَحَدٌ غَيْرُهُ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا قول السلف والأئمة، وأهل الحديث والكلام والفقه والتصوف (¬١).
وممن قال بهذا القول: الإمام عبد الله بن المبارك، والإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو عبد الله ابن بطة، وسأورد أقوالهم.
قيل لابن المبارك: كيف نعرف الله - عز وجل -؟ قال: على العرش بِحَدٍّ. قال أحمد بن حنبل: قد بلغني ذلك عنه، وأعجبه، ثمَّ قال أبو عبد الله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١٠]، ثمَّ قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢] (¬٢).
وقال عبد الله بن المبارك: «نعرف ربنا - عز وجل - فوق سبع سمواتٍ على العرش، بائن من خلقه بِحَدٍّ، ولا نقول كما قالت الجهمية: ها هنا، وأشار بيده إلى الأرض» (¬٣).
قيل لأحمد بن حنبل: يُحْكَى عن ابن المبارك - وقيل له: كيف تعرف ربَّنا؟ - قال: في السَّماء السَّابعة على عرشه بحدٍّ. فقال أحمد: هكذا هو عندنا (¬٤). فقلنا له - يعني لأحمد -: ما معنى قول ابن المبارك "بحد"؟ قال: لا أعرفه، ولكن لهذا شواهد من القرآن في خمسة مواضع: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]، {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٧]، و {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤] (¬٥).
وقال أحمد بن حنبل: ولله عرش، وللعرش حَمَلَةٌ يحملونه، وله حَدٌّ، والله أعلم بِحَدِّهِ (¬٦).
_________
(¬١) درء تعارض العقل والنقل (٦/ ٣٠١).
(¬٢) الإبانة الكبرى، لابن بطة (٧/ ١٥٨).
(¬٣) رواه الدارمي في نقضه على المريسي (١/ ٢٢٤)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (٢١٦). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٥/ ١٨٤): «وهذا مشهور عن ابن المبارك، ثابتٌ عنه من غير وجه». وسيأتي [٨٨٩].
(¬٤) درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (٢/ ٣٤).
(¬٥) بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية (٢/ ٦١٤).
(¬٦) العرش، الذهبي (١/ ٢٥٤).

الصفحة 80