كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

جهة، ولا له مكانٌ- فقد ارتدَّ عن دين الإسلام، وَلَحِقَ بالمشركين، وَكَفَرَ بالله وبآياته وبما جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - تعالى اللهُ عمَّا يَقُولُ خُصُومُنَا عُلُوًّا كبيرًا.
وقد قال الله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى آية: ١١]؛ أي: ليس كَذَاتِهِ ذاتٌ، ولا كَصِفَاتِهِ صِفَاتٌ. ثمَّ أثبت لنفسه الصِّفَةَ من غير تشبيه، وَنَفَىْ التَّشبيهَ من غير تعطيل، ومن قال بالحدِّ يقول: إنَّهُ من صفات الله التي ثَبَتَتْ بالكتاب والسُّنَّة. ويعتقد أنَّ الله - سبحانه وتعالى - له ذات وصفات، ليس كَذَاتِهِ ذَاتٌ، ولا كَصِفَاتِهِ صِفَاتٌ، وأنَّ الحدَّ من صفات الله - عز وجل - بالدَّليل من الكتاب والسُّنَّة.
قال تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: ٧٥]، وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، والآيات الخمسة الَّتي قال الإمام أحمد حين سألوه عن قول ابن المبارك: «إنَّ اللهَ على العرش استوى بحدٍّ». قال: لهذا شواهد في القرآن في خمسة مواضع: قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١٠]، وقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]، وقوله تعالى: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٧]، وقوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، وقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢].
فهذه البراهين من قول الله تعالى تدلُّ على أنَّ الله على عرشه بحدٍّ (¬١).
- الدليل الرابع: قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا - عز وجل - قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ: «فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ» (¬٢).
_________
(¬١) إثبات الحد لله تعالى، محمود ابن أبي القاسم الدشتي (ص ١٢٩ - ١٣٠).
(¬٢) رواه الطيالسي في مسنده (١٠٩٣)، والإمام أحمد في المسند (٦/ ٥٨٦) (١٦٤٥٠) والترمذي (٥/ ٢٨٨) (٣١٠٩)، وابن ماجه (١/ ٦٤) (١٨٢) في سننهما، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة (١/ ٢٤٥)، وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢٧١) (٦١٢)، والطبراني في المعجم الكبير (١٩/ ٢٠٧) (٤٦٨)، وابن بطة في الإبانة (٧/ ١٦٨). وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٩/ ٦).

الصفحة 86