كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 2)

قال الله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: ١٣٥]، وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} [المؤمنون: ٧٥]؛ فالعذاب والشِّدَّة هو المكشوف، لا المكشوف عنه.
- الثاني: يوم القيامة تحدث الشِّدَّة وتشتدُّ ولا تُزَالُ إلَاّ بدخول الجنَّة (¬١).
قال ابن القيِّم: والَّذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنَّما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدريِّ المتَّفق على صحَّته، وهو حديث الشَّفاعة الطويل، وفيه: «فَيَكْشِفُ الْرَّبُّ عَنْ سَاقِهِ، فَيَخِرُّوْنَ لَهُ سُجَّدًا»، وَمَنْ حَمَلَ الآية على ذلك قال: قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: ٤٢] مطابق لقوله: فيكشف عن ساقه، فيخرُّون له سجَّدًا، وتنكيره للتَّعظيم والتَّفخيم، كأنَّه قال: يكشف عن ساق عظيمة جلَّت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه. قالوا: وحمل الآية على الشِّدَّة لا يَصِحُّ بِوَجْهٍ، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال: كُشِفَتِ الشِّدَّة عن القوم، لا كُشِف عنها، كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: ٥٠]، وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} [المؤمنون: ٧٥]؛ فالعذاب والشِّدَّة هو المكشوف لا المكشوف عنه، وأيضاً فهناك تحدث الشِّدَّة وتشتد ولا تزال إلا بدخول الجنة، وهناك لا يدعون إلى السجود، وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشِّدَّة (¬٢).
الرأي الراجح:
الراجح هو القول الأول، وهو أن قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: ٤٢] هي آية من آيات الصفات، والمراد بها صفة الساق لله - عز وجل -؛ لدلالة حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - دلالة صريحة، وهو حديث صحيح، أخرجه البخاري وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [سورة القلم، آية: ٤٢] لم يقل يوم يكشف السَّاق، وهذا يبين خطأ من قال المراد بهذه كشف الشدة، وأن الشدة تسمى
_________
(¬١) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (١/ ٢٥٣).
(¬٢) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (١/ ٢٥٣).

الصفحة 95