كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 3)
وقد قال الإمام مالك - رَحَمَهُ اللهُ - عندما سُئِل عن كيفية استواء الله على عرشه: قال: "الاسْتواء مَعْلوم، والكيف مجْهول، والإيمان به واجب، والسُّؤال عنْه بِدْعَة".
وقد سلك ابن المحب - رَحَمَهُ اللهُ - منهج السَّلف في إثبات هذه الصِّفات، حيث ذكر بعضًا من هذه الصِّفات الخبرية مسهبًا في الاستدلال عليها من الكتاب - إن وجد - أو من السُّنَّة الصحيحة، ويذكر أحاديث ليست بصحيحة بل ضعيفة أو موضوعة مع الحكم عليها أحيانًا.
المطلب الأول: صفات الذَّات الخبرية:
* البَاع:
ذكر المصنِّف في هذه الصفة حديثين: أحدهما: عن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: "سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُدخِلَ الجَنَّة مِنْ أُمَّتي بغَيرِ حِسَاب، فَأَعْطَاني سَبْعينَ ألفًا، فقال عمر: ألا اسْتَزدَّته؟ فقال: قد استزدَّته فزَادَنِي سَبْعينَ أَلْفًا ثَلاثَ مَرَّات، فزَادَني هكذا فاسْتَزَدُته، فزادني هَكَذا يعْني بَاعَيه وضمَّها إليْه" (¬١). وهذا الحديث لم أجد فيما رجعت إليه من كتب السُّنَّة من رواه.
والآخر: رواه عبد الله بن أحمد في "السُّنَّة": عن خالد بن معدان (¬٢) أنَّه قال: "إِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَتَضْرِب عَلَى مِقْدَارِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَالْخَرِيفُ بَاع اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" (¬٣). قلت: إسناده ضعيف بأم عبد الله.
فالصِّفة غير ثابتة لله عزَّ وجل، لعدم ورودها في الكتاب أو السُّنَّة الصَحيحة. والله أعلم.
* الجَنب:
بوَّب ابن المحب - رَحَمَهُ اللهُ - باب قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "قامت الرَّحم فأخذت بحقوى الرَّحمن" (¬٤)، وذكر المنْكِبَين والحجزة والجنب. ولم يذكر لصفة الجَنب أي حديث أو أثر.
وقد جعل بعضهم (الجنب) صفة من صفات الله الذَّاتية، وهذا خطأ. والسَّلف على خلاف ذلك (¬٥).
_________
(¬١) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١٠).
(¬٢) خالد بن صعدان الكلاعي الحمصي، أبو عبد الله، ثقة عابد، يرسل كثيرًا ع. التقريب (رقم الترجمة ١٦٧٨).
(¬٣) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١١).
(¬٤) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١٠٤).
(¬٥) علوي السقاف في "صفات الله عز وجل في الكتاب والسُّنَّة" (ص ١١٣).