كتاب صفات رب العالمين - ابن المحب الصامت - ناقص (اسم الجزء: 3)

وَالْإِنْسَان إِذَا قَالَ: فُلَانٌ قَدْ فَرَّطَ فِي جَنْبِ فُلَانٍ أَوْ جَانِبِهِ، لَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ التَّفْرِيطَ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ نَفْسِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، بَلْ يرِيدُ بِهِ أَنَّهُ فَرَّطَ فِي جِهَتِهِ وَفي حَقِّهِ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا اللَّفظُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى المَخْلُوقِ لَا يَكونُ ظَاهِرَهُ أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي نَفسِ جَنْبِ الْإِنْسَانِ الْمُتَّصِلِ بِأَضْلَاعِهِ، بَل ذَلِكَ التَّفْرِيطُ لَمْ يُلَاصِقْهُ، فَكَيْفَ يظَنُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ في حَقِّ اللهِ - أَنَّ التَّفرِيطَ كَانَ فِي ذَاتِهِ؟
وَجَنْبُ الشَّيْءِ وَجَانِبُهُ، قَدْ يُرَادُ بِهِ مُنْتَهَاهُ وَحَدُّهُ، وَيُسَمَّى جَنْبُ الِإنْسَانِ جَنْبًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، قَالَ تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [سورة السجدة: ١٦]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [سورة آل عمران: ١٩١]، وقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لعمران بن حصين: "صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع، فعلى جنب".
وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْإِضافَةَ هُنَا تَتَضمَّن صفَةَ اللهِ، كَانَ الْكَلَامُ في هَذَا كَالْكَلَامِ في سَائِرِ مَا يُضافُ إِلَيْهِ تَعَالَى مِنَ الصِّفَاتِ، وَفِي التَّوْرَاةِ مِنْ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا فِي الْقُرْآنِ" ا. هـ (¬١).

* الحُجْزَة والحَقْو:
معناها: هو موضع شدِّ الإزَار (¬٢).
وهي صفتان ذاتيتان خبريتان ثابتتان بالسُّنَّة الصَّحيحة.
أما الحقو: ففي حديث: "قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْو الرَّحْمَنِ" (¬٣). وحديث: "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ تَعَلَّقَت بِحِقوَيِ الرَّحْمَنِ، وتَقُولُ: اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَنِي، وَاقْطَعْ مَن قَطَعَنِي" (¬٤).
وأما الحُجزة ففي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرَّحِم شِجْنَةٌ آخِذَةٌ بِحُجْزة الرَّحْمَنِ عَزَّ وجل تُنَاشده" (¬٥).
_________
(¬١) ابن تيمية في "الجواب الصحيح" (٤/ ٤١٥) وما بعدها. وانظر: ابن القيم في "الصواعق المرسلة" (١/ ٢٤٤) وما بعدها.
(¬٢) ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (١/ ٣٤٤) وَ (١/ ٤١٧).
(¬٣) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق (١٠٤).
(¬٤) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق (١١٢).
(¬٥) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق (١٠٨).

الصفحة 62