كتاب صفة جزيرة العرب

ومن غربيه جبال الشرف وريشان جبل ملحان عن قرب كقرب هنوم منه من شماليه، ومن جنوبيه برع وشبام حراز ومسار وضلع جبلان وحرف أنس وضوران ورأس سحمَّر ويخار وينظر هو من هذه المواضيع ولولا أن قعدته في الأودية دون أن يكون على ظاهر منجد لكان يرى من أرض نجد، وأما من شرقيه فلا يرى بلد لأن جبال المصانع تعلوه مثل جبل ذخار ومدع وحضور بني أزاد وهي في أعلى خط السراة وهو في موسطها ولذلك اعتدل هواؤه لأنه ارتفع من حر تهامة وسمومها وتطامن من نجد اليمن وبرده ويبسه، فأما سعة رأسه الذي تحويه العرقة وتدور به الأبواب فإنه يكون لمن مسحه ميلا ونصفاً في مثله أو يزيد إلى ميلين إلا ثلث وإذا رآه الجاهل حكم على أنه ميلين وزيادة في مثلهما وتحف به من الأودية وادي لاعة وهو طمام وفرعاه عطوة ورأسها بياضة والعشَّة من رأس الجبل والتهام وهو من جبل ذخار والشوارق ومسور والحتر وتصب فيه أودية أخرى مثل اليعمل وضلع الجنات وغيرها ووادي عيَّان ووادي نمل ووادي قيلاب، وكل هذه الأودية غيول مخارجها من صفوحه عليها الأمواز والأقصاب أعني قصب الشيرين ويقال الشيري وهو قصب المضَّار وقصب السكر، وسمي قصب المضار لأنه يمضر بالفم أي يمضغ فيبلع ماؤه، وصفوحه مكتسية بالمزارع والعشاش التي تكون للبقر مراتع، ومن ولد في رأسه فقبيح غير صبيح وخاصة النساء، ومن ولد في صفحه فصبيح غير قبيح وطباع سكنه وأهله تخالف طباع من في صفوحه في العقل والنجدة والطول والتمام والفصاحة وانشراح الألسن، ونبت رأسه البرزغة والأثبة والصعتر ومن الزرع البر والعلس والشعير والجعرة واسم هذا الجبل وفيت وهو منسوب إلى تخلى بن عمرو الحميري من ولد شمر ذي الجناح بن العطاف وأخبار تخلى كثير.
ومنها جبل هنوم، وأهله الأهنوم من همدان ثم من حاشد وفيهم

الصفحة 193