كتاب صفة جزيرة العرب

على أشد ما كانوا عليه ورأس برط من أصح اليمن وأطيبه وأعدله هواء وهو بين الغائط ونجد.
ومنها جبل تنعمة لخولان العالية هو حصن حصين وليس مثل برط في السعة وفي رأسه زروع أعقار وعلى الآبار.
فهذه الحصون التي بها ماؤها ومرعاها وجميع مرافقها.
ومنها جبل ذخار فيه قرى ومياه وعيون وحصنان أحدهما كوكبان من جانب، وشربب الثاني من جانبه الآخر.
ومن عجائب اليمن حقل صنعاء وأول من ارتاده بعد الطوفان سام بن نوح بعد الغرق المتعالي فوجده من أطيب الإقليم الأول، قيل فتذكره علماء صنعاء عن كابر فكابر أنه وضع مقرانه وهو الخيط الذي يقدر به البناء على موضع الظبِّر بالظاء والظبر جبل قريب من صنعاء كما يقولون وهو حرف الجبل وحرف البناء ولا يذهبون إلى التَّضبير من الأساوة وتضبير الناقة ناقة مضبِّرة، فبني الظبر فلما أجد في البناء أتى طائر مسفَّا للمقراة فاختطفها وطار بها وأتبعه بصره حتى ألقاها على جبوبة النعيم فوضع ليبني به فأسف ذلك الطائرللمقراة فاحتملها حتى ألقاها على حرة غمدان فأس سام غمدان واحتفر به بئره التي هي اليوم معروفة ببئر سام. فأما طباع صنعاء فصحيح على أن الغالب عليها البرد ولصحتها يلبس الإنسان بها في الشتاء عند جمود الماء لباس الخز والكتان والرقائق فلا يدخلها البرد لأنه برد يابس والدليل على يبسه أنه يفطر أطراف العمال والصناع ويشنها بالدم، ويلبس الإنسان الصوف والمبطنات ودواويج الثعالب في صيفها فلا تؤذيه، وخبرني عمر الشهابي عن أحمد بن يوسف الحذاقي أنه نظر إلى ماء جامد بناحية بيت بوس في أول حزيران وهو أصفى قليل، ولا يتحول الإنسان الشتاء والصيف من مكانه فإذا اشتد به الصيف وحر فدخل الرجل يقيل على فراشه لم يكن له بد من أن يتدثر لأن بيوتها في الصيف باردة

الصفحة 195