كتاب صفة جزيرة العرب

أياماً في بيت بارد حتى بعود إلى جموده، ثم ختمت أفواه القصب بالقصّة، وحمل، فإذا أراد تقديمه على الموائد ضرب بالقصبة الأرض فانفلقت عن قصبة عسل قائمة، فقطعت بالسكين على طيفورية أو رغيف. وباليمن من غرائب الحبوب، ثم من البر العربي الذي ليس بحنطة، فإذا ملك عجينة، ثم أردت قطع شيء منه تبع القطعة تابعة منه تطول كتابعة القبيط والميساني والنسول والهلباء لا يكون إلا بنجران، ومنه الأدرع الأملس والأحمر الأحرش، واللوبياء، والعتر، والأقطن والطهف، وألوان الذرة البيضاء والصفراء والحمراء، والغبراء، والسمسم الذي لا يلحق به لاحق خاصة المأربي والجوفي كثير الضياء صاف طيب، وقد يزرع بها الحمص والباقلي والكمون وغير ذلك.
ومن عجائب اليمن أن أكثر ززروعها أعقار، فلذلك متن عجينها، ولان خبزها وهو أن تشرب الجربة في آخر تموز وأول آب، ثم تحرث بأيلول إذا حمَّت إي شربت ماءها وجف وجهها، ثم تحرث في تشرين كرة أخرى، ثم في تشرين الآخر كرة ثالثة، ثم بذرت في كانون الأول فأقام فيها الزرع إلى أيار وصرب ولم يصبه ماء، فأما القرارة بالهجيرة فإنه يصرم بها متعجلا بنيسان وآخر آذار، فتكون الجربة بها كثيرة من حمّها فتحرث وتبذر فيها ثانية، فتأتي بطعام معجل لحرارة الزمان يصرم بحزيران. وأما مأرب والجوف وبيحان، فإن الودن وهو الجربة والزَّهب بلغة أهل تهامة يمتلي من السيل، فإذا امتلأ نف فيه الطَّهف والدخن فنضب الماء ثار نبته، فلا يحم الجربة في شهر وأيام حتى تصرم وتحرث للزرع الذي ذكرناه، فربما طرح في الودن مع بذر الذرة السمسم واللوبياء والعتر والقثَّاء والبطيخ والقرع، فبلغ كل ذلك أوّل أوّل، وهذا يكون في أقاصي الجرز. مثل أعراض نجد ونجران والجوف، ومأرب وبيحان وتهامة عن كملها. ومن ذلك الذّرة بنجران في قابل يام من ناحية رعاش وراحة يكون

الصفحة 199