كتاب صفة جزيرة العرب

في قصبة الذرة مطوان وثلاثة وأكثر، ولا يكون فيها بالموضع على هذا.
ومن ذلك الأترج بنجران ليس حماض فيه كبار أحلى من العسل، تبلغ الواحدة ربع دينار وخمسة وسدس، وليس له نظير في بلد. ومن ذلك سكر العشر لا يكون إلا بنجران، ولا يكون منها إلا شق بلحارث فيما بين الهجر وسرّ بني مازن، وهو سكر ينزل من الهواء على ورق العشر في قولهم وإخاله، فيكون بقدرة الله عز وجل من العشر، وقد يوجد منه شيء في الموضع على غير العشر، وهو ضرب من المنَّ وهيئته مثل قطع اللُّبان والمصطكي، وقد يحمل ويعمل منه سكر كبار مطبّع في القوالب وقد أهديت منه إلىأخ لي بالعراق فأعجب منه من رآه. ومنها المحط، ويسمى القصاص وهو حالق للبواسير، ولا تصيب هذه العلة أحداً بخيوان لاستعمالهم إياه في القدور ويعقد بالعسل، ويهدي، وأهدى منه بعض سلاطين تهامة إلى العراق، وجرت كتب إليه أن احتفظ بحظائر هذه الشجر فأعلمهم أنه نبات جبال قبائل وادعة وأرحب.
ومنها الورس واللبان اللذان لا يكونان في غير اليمن ويصيران في جميع الأرض، وبها النخل البعل الذي لا يشرب إلا من السيل، وربما أسنت فأتى بالتمر عن ريِّ سنة واثنتين، وبها القسب من التمر الذي يستحق ويحلو مع السويق كالقند فذاك بنجران وبها المدبس الذي لا يلحق به بردي خيبر. قال لي أبي رحمه الله تعالى: قد دخلت الكوفة وبغداد والبصرة وعمان ومصر ومكة، وأكثر بلاد النخل وطعمت التمران ما رأيت مثل مدبس نجران جودة وعظم تمره خاصة تملأ الكف التمرة، وبها من الجرب الكبار التي تأتي تعشرين ألف ذهب فذاك ثلاثون ألف قفيز، سيوان في جانب صنعاء وجربة حران بشراد والحضر وأرض الرزم بالجوف والحرجة بمأرب.
ومن الآبار العجيبة: البئر المعطلة بريدة، ومنها بئر سراقة لمراد في أسفل الجوف، طولها خمسون باعاً، وماؤها عذب فرات، لا تكدرها

الصفحة 200