كتاب صفة جزيرة العرب

ودون لقائها وادي عُمان ... ونجران ومهيع نجد هاد
وقد جاوزتها ترجو رجاءً ... فرحت من الرجاء بغير زاد
وقد تدنو وتوصل من يداني ... وتبعد من يحطُّ إلى البعاد
وما طرب اللَّهيف إلى الغواني ... على عقب المشيب من السَّداد
إلا من مبلغ عني رسولاً ... مغلغلة تحثّ إلى مراد
وغسَّان الذين هم استتبُّوا ... قبائلهم بأطراف البلاد
وحيّا منهم نزلوا عُماناً ... أراهم لم يهمُّوا بارتداد
فسيروا نحو قومكم جميعاً ... ولا تنأوا سواهم في الأعادي
فإنكم خيار الناس قدما ... وأجلدهم رجالاً بعد عادِ
وأكثرهم شباباً في كهول ... كأسد تبالة الشُّهب الوراد
أبعد الحيِّ عمران بن عمرو ... وبعد الأكرمين بني زيادٍ
وبعد شنوءة الأبطال أضحت ... بيوتهم ترفَّع بالعمادٍ
ولما خرج عمرو مزيقياء بن عامر السماء وهو مالك بن اليمان من مأرب في جماعة الأزد وظهرا إلى مخلاف خولان وأرض عنس وحقل صنعاء فاقبلوا لا يمرون بماء إلا انزفوه ولا بكلأ إلا سحقوه لما فيهم من العدد والعدد والخيل والإبل والشاء والبقر وغيرها من أجناس السَّوام وفي ذلك تضرب لهم الرُّواد في البلاد تلتمس لهم الماء والمرعى، وكان من روادهم رجل من بني عمرو بن الغوث خرج لهم رائداً إلى بلاد إخوتهم همدان فرأى بلاداً لا تقوم مراعيها بأهلها وبهم فأقبل آئبا حتى وافاهم وقام فيهم منشداً لهذه الأبيات:
ألما تعجبوا منا ومما ... تعسفنا به ريب الليالي
تركنا مأرباً وبه نشأنا ... وقد كنا بها في حسن حال
نقيل سرُوُحنا في كل يوم ... على الأشجار والماء الزُّلال
وكنا نحن نسكن جنَّتيها ... ملوكاً في الحدائق والظلال
فوسوس ربُّنا عمروٌ مقالا ... لكاهنه المصرِّ على الضَّلال
فأقبلنا نسوق الخور منها ... إلى أرض المجاعة والهزال

الصفحة 207