كتاب صفة جزيرة العرب
ودار العز، ومحل الإمرة، وبها الوادي المقدس طوى، وطور سينا، ومسجد إيلياء، وآثار الأنبياء، ومنابت الأتقياء، ومحافد الأصفياء، وعرصة المحشر وجبال الرحمة، ومتعلّق السِّياحة، والعبادة والسراة، القاطعة من أعلى اليمن إلى أسفل الشأم، وبها بقاع الفصاحة والصباحة واعتدال المزاج وحسن الألوان، لا الصهبة ولا الزرقة، ومتوسط النبات في الشَّعر، لا القطط، ولا السَّبط، واسوداد الأحداق، واحورار المقل، مع الحميّة والأريحيّة والسخاء والكرم والجود بما تشح به الأنفس، والصبر بساعة البأس، وبها أفرس من ركب الخيل فهم لها حزم وحلاس، وأحسن من امتطى الإبل فهم لها أرباب وأقباس، وأوفى من تقلد ذمة، وأبرع من نطق بحكمة، وبها من يعد المئة بين حجة وعمرة، ومن يزور قبر النبي صلى الله
عليه وسلم قاصداً غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل. هـ وسلم قاصداً غير متطَّرق وبها المسجد المؤسس على التقوى، وبها الممالك القديمة، والآثار العظيمة، مثل ناعط وغمدان، وهكروريدان، وبينون وغيمان، وبرك الغماد، وإرم ذات العماد، وجميع ما اشتمل عليه الكتاب الثامن من الإكليل.
معرفة وضع هذه الجزيرة في المعمور
من الأرض وموضعها منه
أعلم أن الأرض ليست بمنسطحة، ولا ببساط مستوي الوسط والأطراف، ولكنها مقببة، وذلك التقبيب لا يبين مع السعة، إنما يبين تقبيبها بقياساتها إلى أجزاء الفلك، فيقطع منها أفق كل قوم على خلاف ما يقطع عليه أفق الآخرين طولاً وعرضاً في جميع العمران، ولذلك يظهر على أهل الجنوب كواكب لا يراها أهل الشمال، ويظهر على أهل الشمال ما لا يراه أهل الجنوب ويكون عند هؤلاء نجوم أبدية الظهور والمسير حول القطب، وهي عند أولئك تظهر وتغيب، وسأضع لك في ذلك مقياساً بيناً للعامة، من ذلك أن ارتفاع سهيل بصنعاء وما سامتها إذا حلق، زيادة على عشرين درجة، وارتفاعه بالحجاز قرب العشر، وهو بالعراق لا يُرى إلا على خط الأفق، ولا يرى بأرض الشمال،
الصفحة 3
282