كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

كان تحديده لعلة الفكر الإسلامي تحديداً دقيقاً ومبكراً: إنه فساد العقيدة بغلبة الشرك على التوحيد.
وجاء تعليله للعلة شاملاً: إنه قلة العلم بما كان عليه السلف والاستسلام للحواشي والأساطير التي رسخت مع الجمود والتقليد. وإن سبيل الخلاص من هذه الغاشية: تصحيح الاعتقاد وفق الكتاب والسنة، وتحرير العقل من خرافة التقليد لآراء الأولين. وأتبع العلم الذي يدعو إليه بالعمل الجاد الموافق لهذا العلم، فلم تلبث الدعوة أن أصبحت حركة، واستطاعت الحركة أن تقيم دولة ومن ثم وضعت منهج الشيخ موضع التطبيق.
كان محمد بن عبد الوهاب أول داعية في القرون المتأخرة يتحقق لدعوته اجتياز سائر المراحل من الفكر النظري إلى التطبيق العملي.
ومن أبرز المشاكل التي تعرض لها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكانت موضع هجوم خصومه ورميه بأنه مبتدع وأحدث مذهباً خامساً وخالف إجماع المذاهب الأربعة وضعه مسألة التوسل والكرامة في ميزانها الشرعي الدقيق وعدم تركها لكل مدّعٍ ومبتدع. كما لعبت قضية التفكير دوراً بارزاً في حياة الدعوة ومسارها. ولكن رغم الخلافات الحادة التي ظهرت في حياة الدعوة ظهر فريق أنصف الدعوة واعتبرها بداية يقظة العالم الإسلامي في العصر الحديث.
وقد استلفتت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنظار عدد من الباحثين الذين توفروا على دراسة آثارها من وجهة نظر التاريخ والحكم والسياسة، ولكن قل من الباحثين من توفر على دراسة جانب العقيدة في حركة الشيخ وهو الأساس فاستعنت الله تعالى أن يهيئ لي أسباب هذه الدراسة لما بدا لي من حاجة الفكر الفلسفي الإسلامي إلى استيعاب هذا الجانب من فكر محمد بن عبد الوهاب.
موضوع الكتاب:
وهو على ما يقرأ من عنوانه:"منهج ابن عبد الوهاب في مباحث العقيدة". بما يستلزمه من دراسة لمكونات هذا المنهج ومصادره ثم معالمه

الصفحة 11