كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

بحيث يمكننا القول أن الدعوة الوهابية حققت تأثيرا بتأكيدها على هاتين الدعامتين: الاجتهاد طريقا لتحرير العقول من الأوهام، الجهاد طريقا لتذليل كل عقبة تواجه الحركة. وقد رأينا لدى معالجة موضوعات الباب الخامس أن الجهاد في مفهوم دعوة محمد بن عبد الوهاب وتطبيقه كان طريقا متعينا لدفع العدوان ولم يكن ذريعة للاعتداء على الآخرين. ورغم ذلك فقد كان لأخذه بسنة الجهاد أثرة في إثارة حنق الكثيرين عليه واتهام دعوته:" بأنها سعت إلى تحقيق أغراضها واعتمدت على القوة العسكرية وحدها "1وحاول البعض أن يلتمس العذر للدعوة الوهابية في العنف الذي نسبوه إليها بقولهم"كان الجو الذي نبتت فيه الدعوة محكوما بتيارات العصبية التي كانت تسود بلاد نجد بصفة خاصة والجزيرة العربية بصفة عامة.2
والحق أن هذا التعليل إن ساغ سوقه تبريرا للحروب التي خاضها اتباع محمد بن عبد الوهاب داخل نجد في مواجهة القبائل المحيطة بالدرعية فهو تعليل غير سائغ في شأن الحروب التي شنها السلطان العثماني على الدعوة على يد والي بغداد تارة وعلى والي مصر تارة أخرى إذ لم يكن الوهابيون حيال هذه الحروب إلا مدافعين عن وجودهم وحرية اعتقادهم ومهما يكن من أمر فإن إحياء الدعوة الوهابية لسنة الجهاد والانتقاد الذي ووجهت به في شأن حروبها وغزواتها قد أتاح للفكر الإسلامي أن يواجه قضية طال تناسيها وهي قضية الجهاد من حيث مشروعيته ولزومه واستمراره والأساس الذي يقوم عليه. وقد كان العالم الإسلامي في أمس الحاجة إلي استرجاع روح الجهاد والاستشهاد في مواجهة الغزو الصليبي الذي أحاط به من كل جانب.
ولذلك كان اهتمام المجاهدين والمناضلين الذين قادوا مقاومة العالم الإسلامي للغزو الأوربي بالحركة الوهابية اهتماما عظيما وكان تأثيرها عليهم ملحوظا مما دعا بعض الباحثين ممن اهتموا بدراسة صورة مقاومة العالم الإسلامي للاستعمار الغربي إلي ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته باعتبارها أصلا
جذريا للفكر الإسلامي الذي قاوم الاستعمار الغربي وتعددت صوره وحلقاته.
__________
(1) د محمد ضياء الدين الريس. المرجع السابق. ص 103
(2) عبد الكريم الخطيب الدعوة الوهابية محمد بن عبد الوهاب. ص /74

الصفحة 227