كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

حتى تنبه إليها النفوذ والرياسة في أطراف الجزيرة العربية وكان أقوالهم نفوذا في شرقي نجد سليمان آل محمد رئيس الاحساء وبني خالد وقد أحاط به معارضو محمد بن عبد الوهاب "فأغروه به وصاحوا عنده وقالوا:"إن هذا يريد أن يخرجكم من ملككم ويسعى في قطع ما أنتم عليه من الأمور ويبطل العشور والمكوس1 وبأمر من أمير الإحساء سليمان آل محمد أمر عثمان بن معمر بحمل بن عبد الوهاب بمبارحة العيينة متخليا عن نصرته حرصا على بقاء نفوذه الذي بات مهددا بغضب أمير الاحساء.
وإلى الدرعية كانت هجرة بن عبد الوهاب للمرة الثانية وكان لقاؤه مع أميرها محمد بن سعود عام 1157هـ حيث دعا الشيخ إلى نصرة دعوة التوحيد مرغباً إياه بقوله "أنت ترى نجد كلها وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل. والفرقة والاختلاف والقتال لبعضهم بعض فأرجو أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك2فبايعه محمد بن سعود بن مقرن على ذلك"وعلى أن الشيخ لا يرغب عنه أن أظهره الله وأن لا يتعرضه فيما يأخذه من أهل الدرعية مثل الذي كان يأخذه رؤساء البلدان على رعاياهم.3
كان محمد بن سعود بن مقرن العنزي أميرا على الدرعية كسائر الأمراء من حوله. وكان في كل قرية من قرى نجد أمير، والحروب لا تنقطع بين هؤلاء الأمراء على نحو ما أوضحناه في الفصل الثاني من الباب الأول لدي ذكر أحوال نجد والجزيرة العربية.
وبتمام بيعة محمد بن سعود لمحمد بن عبد الوهاب بدأ الصراع على أرض نجد والجزيرة العربية يكتسب بعداً آخر. لقد أصبح عقائديا دون أن تتغير ماهية القوى المشتركة في الصراع فغزوات بن سعود لجيرانه وغزوات جيرانه له قبل ظهور محمد بن عبد الوهاب كانت متلاحقة لا تنقطع وظلت كذلك بعد ظهور دعوة ابن عبد الوهاب مع أهل الدرعية لشعار التوحيد عنوانا لهم وبالتالي رمي خصومهم بوصف الشرك والكفر ومعاداة أهل
__________
(1) ابن غنام. تاريخ نجد ص 80
(2) ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد. ج 1 ص 24
(3) المرجع السابق: ص 25

الصفحة 238