كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

يعاني ألام المخاض والنشأة في بيداء نجد، فإنه باستيلاء الحركة الوهابية على الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة بات أمرها يهدد أساس الخلافة القائمة على عقيدة وحدة الإسلام وحماية الحرمين الشريفين.1
ومع أن الخليفة العثماني لم يكن يفتقر إلى المبرر الذي يستند إليه فى تدبير حملات حربية علي الوهابيين لإخراجهم من بلاد الحرمين الشريفين، فقد قدم له الوهابيون هذا المبرر. وتمثل ذلك في منعهم حجاج بيت الله الحرام الوفدين من خارج الجزيرة العربية وإصرارهم على هذا المنع وردهم الحجاج على أعقابهم طوال سنوات 1223هـ وما بعدها 2فضلا عن إخراجهم سائر من كان يقيم بمكة والمدينة من الأتراك الذين دأب الوهابيون علي تسميتهم بعسكر الروم3بمفهوم أنهم غير مسلمين. ومما ضاعف من صدمة الدولة العثمانية أن الحركة الوهابية جاءت في إخراج فترات التاريخ بالنسبة لها. فقد كانت عوامل ضعفها قد استشرت تحت وطأة الحروب المتوالية التي كانت تشنها عليها روسيا القيصرية وتفكك أوصال الدولة بتغلب المماليك على الكثير من ولاياتها وعجز السلاطين عن تنفيذ أية إجراءات إصلاحية أمام تعنت بعض العلماء المدعمين بتأييد الجند الإنكشارية4أضف إلى ذلك أن دول أوربا كانت تتربص بدولة الخلافة وتنعتها بالرجل المريض تطلعا إلى الإجهاز عليها واقتسام بلاد الشرق الإسلامي ثم إذا بها أمام حركة قوية تنتزع منها قلب العالم الإسلامي ومهوى أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد أوردت المصادر النجدية ما يقطع بأن دولة الخلافة العثمانية عملت على تحاشى الصدام المسلح مع دولة الدعوة الوهابية فأرسلت الرسول بعد الرسول إلى الإمام سعود بن عبد العزيز تطلب منه المهادنة والمسابلة فرجع كل من الرسل بعدم القبول5 ووجدت الدولة العثمانية نفسها مرغمة علي الدخول
__________
(1) د ضياء الدين الريس، تاريخ الشرق العربي والخلافة العثمانية. ص 7
(2) المرجع السابق ج 1 ص 190 ص 191
(3) المرجع السابق. ص 188
(4) د. محمد ضياء الدين عنوان المجد في تاريخ الشرق العربي والخلافة العثمانية. ص 105 وما بعدها
(5) ابن بشر عنوان المجد في تاريخ نجد جـ 1. ص:207 وما بعدها وبهامشة دون المحقق ما =

الصفحة 243