كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

(3) رحلاته:
زودنا ابن غنام في تاريخه ببيان موجز عن رحلات محمد بن عبد الوهاب فقص علينا أنه بعيد بلوغه زوجه أبوه وهو ابن اثنتي عشرة سنة ثم أذن له بالحج فحج وقصد مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقام فيها شهرين ثم رجع بعد أن أدى الزيارة (1) .
ولو أردنا أن نعرف تاريخ رحلته الأولى هذه فهي على التقدير عام 1128 هـ باعتباره على مقتضى الرواية قد حج بعد بلوغه اثنتي عشرة سنة، وهو من مواليد عام 1115 هـ حسبما استخلصنا سابقا.
ويبدو أن رحلته الأولى هذه قد استخرجته من عالمه المحدود بآفاق نجد وأحوالها إلى آفاق التفكير في حالة المسلمين وقياس واقعهم على منهج الإسلام واستلفت انتباهه بعد الشقة بين هذا الواقع وذلك المنهج وعلى الأخص في أهم القضايا التي جاء الإسلام ليقررها ويجعلها رأس الأمر فيه وحجر الزاوية في بنيانه، وهي قضية إخلاص التوحيد"فشرح الله صدره بمعرفة التوحيد ومعرفة نواقضه التي تضل عن سبيله فأخذ ينكر تلك البدع المستحدثة من الشرك الذي كان قد فشا في نجد، ومع أن بعض الناس كان يستحسن ما يقول، غير أنه رأى أن الأمر لن يتم له على ما كان يريد فرحل في طلب العلم إلى ما يليه من الأمصار (2) ".
والذي تؤكده المصادر النجدية أن رحلة الشيخ في طلب العلم لم تتجاوز الحجاز غربا والبصرة شرقا وأن المدن التي ألم بها في رحلاته هي مكة والمدينة والاحساء والزبير والبصرة، وأن نيته انعقدت على التوجه إلى الشام فحيل بينه وبين تحقيق هذه الأمنية، ذلك هو القاسم المشترك المتفق عليه بين مؤرخي نجد (3) على خلاف بينهم في تفصيل الرواية عن هذه الرحلات.
__________
(1) ابن غنام: تاريخ نجد. ص: 75.
(2) ابن غنام: تاريخ نجد ص: 7.
(3) ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج1 ص: 20،
د. منير عجلاني. تاريخ البلاد العربية السعودية ج 1 ص175،
أحمد عبد الغفور عطار: محمد بن عبد الوهاب ص 36،
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: المقامات منشورة بالدرر السنية ج9 ص215،
عبد الرحمن بن عبد اللطيف آلي الشيخ: مشاهير علماء نجد ص17، 18

الصفحة 29