كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

وقبل أن نعرض لما اختلف فيه مؤرخو نجد من تفصيلات رحلات الشيخ نسجل ما لاحظناه من أن جميع المصادر غير النجدية عربية كانت أو أجنبية قد اضطرب حديثها في شأن هذه الرحلات وشابها التخليط والتضارب وبدت في مجموعها كأنها تكتب سيرة محمد بن عبد الوهاب بمعزل عن أي مصدر يقيني يطمأن إليه. وقد التمس البعض العذر لهذه المصادر فيما شابها من تخليط لدى ذكر هذه الرحلات بأنه يرجع إلى أن "مؤرخا نجد ابن غنام وابن بشر" قد وصفا رحلات الشيخ وصفا مختصرا لا غناء فيه. لذلك بحث المستشرقون عن مصادر أخرى تعينهم على فهم هذا الجزء الخطير الغني من حياة الشيخ الذي نسميه رحلة الشيخ وهو في حقيقته شباب الشيخ كله أو أكثره (1) .
والذي نرجحه أن المستشرقين رأوا في شخصية محمد بن عبد الوهاب ما يستهوي أفئدتهم ويستثير رغبة البحث والاستقصاء لديهم سواء منهم من استهدف ببحثه واستقصائه بلوغ الحقيقة لذاتها أو من استبطن رغبة الكيد للإسلام وبدا له أن مجال الحديث عن الحركة الوهابية يحقق له بلوغ هذه الرغبة فهؤلاء وأولئك تناهت إليهم أخبار الحركة الوهابية بما حث لديهم رغبة استقصاء جوانبها وإذ لم يجدوا من المصادر الميسرة ما يروي ظمأهم إلى المعرفة التي ينشدونها فقد قنعوا بما أتيح لهم من هذه المصادر دون أن يعنوا ببحث جانب الظن فيه من جانب اليقين" وكان المصدر الذي رجع أكثرهم إليه واعتمد عليه هوكتاب: لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب (2) " وقد كان هذا الكتاب بنسخته المخطوطة الوحيدة المودعة بمكتبة المتحف البريطاني بلندن هو الملهم لسائر المستشرقين وجاء الكتاب العرب على اثر هؤلاء المستشرقين فنسجوا على منوالهم واكتفوا بالنقل عنهم.
وأخذا برواية لمع الشهاب تضافر الكتاب على القول بأن محمد بن عبد الوهاب رحل إلى البصرة وبغداد وهمذان واصفهان والري وقم وبلاد الترك ثم حلب ودمشق والقدس ومصر (3) وقد
__________
(1) د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 184
(2) د. منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج1 ص 184
(3) المرجع السابق. 188 وما بعدها، بروكلمان. تاريخ الشعوب الإسلامية جـ 4 ص 18، عبد

الصفحة 30