كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

انطلاقا من نجد إلى مكة والمدينة غربا والبصرة والأحساء شرقا. وأرجح المصادر التي تقطع بذلك ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب في رسالة المقامات رواية عن رحلات جده الذي تلقى عنه وشهد ازدهار حركته وقد قدم لحديثه عن رحلات جدة بقوله" انه لا يعرف شيخنا ولا حيث نشأ كما يعرفه الخبير بحالة" (1) .وخلص من وصفه لرحلات جده بأنها انتهت بالحج إلى بيت الله الحرام حيث كان يعتزم السفر مع الحجيج الشامي من المدينة إلى الشام لولا انه تعرض لحادث اعتداء لسراق الحجيج الشامي سلبوه ماله وشجوا رأسه فمكث في المدينة ردحا ثم عاد إلى نجد ليتخذها مقرا ومستقرا ومنطلقا لحركته حتى تاريخ وفاته عام 1206 هـ (2) .
__________
(1) عبد الرحمن العاصمي القحطاني: الدرر السنية. جـ 9 ص 215 حيث يتابع الشيخ عبد الرحمن بن حسن قوله عن نشأة جدة ورحلاته قائلا فلا ريب أنه لما قدم جده سليمان بن علي من الروضة ونزل العيينة كان أفقه من نزل نجداً في وقته فتخرج عليه خلق كثير من أهل نجد منهم ابناه عبد الوهاب وإبراهيم، وكان المتولي للقضاء في العارض أبوه عبد الوهاب وكان عمه يسافر إلى ما حولهم من البلاد لحاجتهم إليه في الإفتاء، وما يقع بينهم من بيع العقارات وكان عليه اعتمادهم فيما كتبه واثبته، وأكثر إقامته مع أخيه عبد الوهاب فظهر شيخنا بين أبيه وعمه فحفظ القرآن وهو صغير وقرأ في فنون العلم وصار له فهم قوي، وهمة عالية في طلب العلم فصار يناظر أباه وعمه في بعض المسائل بالدليل على بعض الروايات عن الأمام أحمد والوجوه عن الأصحاب فتخرج عليهما في الفقه وناظرهما في مسائل قرأها في الشرح الكبير للمغني والأنصاف لما فيهما من مخالفة ما في متن المنتهى والإقناع وعلت همته إلى طلب التفسير والحديث فسافر إلى البصرة غير مرة يقيم بين من كان بها من العلماء، فصنف في البصرة كتاب التوحيد الذي شهد له بفضله بتصنيفه القريب والبعيد أخذه من الكتب التي في مدارس البصرة. ثم ان شيخنا رحمه الله تعالى بعد رحلته إلى البصرة. وهناك رحل إلى الاحساء وفيها فحول العلماء منهم عبد الله بن فيروز ابو محمد الكفيف ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم ما سر به وأثنى على عبد الله هذا بمعرفته بعقيدة الإمام احمد وحضر مشايخ الاحساء ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي، ثم ان شيخنا رحمه الله رجع من الاحساء إلى البصرة وخرج منها إلى نجد قاصدا الحج فلما قضى الحج وقف في الملتزم وسأل الله تعالى أن يظهر هذا الدين بدعوته، فخرج قاصدا المدينة مع الحاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه وأخذوا ما معه وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن سيره مع الحجاج فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها فاقام بها وحضر عند العلماء إذ ذاك منهم محمد حياة السندي وأخذ عنه كتب الحديث أجازه في جميعها وقراءة لبعضها ووجد فيها بعض الحنابلة فكتب كتاب الهدى لابن القيم بيده ـ ثم رجع إلى نجد.
(2) ابن بشر: عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1 ص 113.

الصفحة 32