كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

يَعْلَمْ} (1) فإن هذه الآيات المحكمات والتي كانت أول ما نزل من القرآن تحدد المنهج الإلهي في الكليات الخمس الآتية:
* توحيد الله تعالى خالق كل شيء.
* وجوب اتباع الرسول فيما يبلغه عن ربه.
* ومساواة الناس جميعاً.
* والحض على التعلم.
* وتفاضلهم بالعلم.
ثم تترى الآيات بعد ذلك تأكيداً لكل حقيقة من هذه الحقائق في ذاتها ثم تأكيداً للترابط القائم بينها مؤكدة أنها في مجموعها كل واحد لا يقبل التجزئة والانفصام، والكفر بإحداها كفر بها جميعاً. والايمان ببعضها لا يدخل صاحبة مساحة الإيمان مالم يؤمن بها جميعاً. {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} (2) .
وكانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ بعثه الله بالهدى ودين الحق إلى أن لحق بالرفيق الأعلى تطبيقاً لهذه الحقائق الكلية، يروي ابن إسحاق (3) : حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة غداة فتح مكة فخطب الناس فقال:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... يا معشر قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية: (13:49) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} (4) .
وفي ظل علم النبوة عرفت البشرية معنى الأمة العقائدية التي ترتفع فوق روابط الأرض العرقية والقبلية فتقوم على حراسة هذه الحقائق الكلية وتعي أن وجودها مرتبط بصيانة هذه الحقائق {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
__________
(1) سورة العلق، الآيات من 1ـ 5
(2) سورة البقرة. آية: 85
(3) سيرة ابن هشام: ج4 ص: 31-32
(4) سورة الحجرات: آية 13.

الصفحة 44