كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

يزداد جمودا وتحجرا وتزداد الحياة من حوله انحطاطا وتخلفا وظلاما حتى ختمت
__________
= والحواشي والتقارير على الروح العلمية الموضوعية التي من شأنها أن تخدم الفكرة بقطع النظر عما يتصل بها من لفظ وعبارات.
2- تغلبت روح التقديس للآراء والأفهام التي دونها السابقون وسموا بها عن مستوى النقد عدم الاكتراث بما قد يظهر من آراء جديدة ولو كان لها من القوة والسداد مالها.
3- تغلبت روح الاشتغال بالفروض والاحتمالات العقلية التي لا تقع وما يتصل بها من أحكام فنراهم يقولون: لو طلقها نصف تطليقة أو ربع تطليقة. ولو قال أنت طالق إن شئت فقالت له: شئت إن شئت، وتراهم يقولون: لو تزوج جنية فالحكم في النسب والميراث كذا. ولقد أكثروا من هذه العبادات والمعاملات وانفقوا فيه من الوقت والتفكير ما كان جديرا لهم أن يدخروه للمنافع المفيدة. ويصل الأمر في ذلك أن الكمال بن الهمام وهو من أفذاذ القرن التاسع يقول: ومن مسائل قبل وبعد ما قيل منظوما:
رجل علق الطلاق بشهر ... قبل ما بعد قبله رمضان
ثم يندفع في تخريج هذا الغرض وبيان حكمه ثم يأتي من بعده ابن النجيم الحنفي صاحب البحر والاشباه فيتولى الشرح والبيان والتكميل ويقول:" إن هذا البيت يمكن انشاده على ثمانية أوجه، ويشاركه في ذلك علماء فيضع رسالة في هذا الغرض تحت عنوان:
اتخاف الذكي النبيه بجوانب ما يقول الفقيه يشرح فيها أبياتا أولها:
ما يقول الفقية أيده الله ... وما زال عنده الاحسان
في فتى علق الطلاق بشهر ... قبل ما بعد قبله رمضان.
ويورد في المسألة آراء جميع من تقدمه من العلماء في الشرح والحكم ولابد أن بجعل الجواب نظما كالسؤال وهكذا اشتغل المتأخرون بمثل هذه الفروض وأعرضوا بها عن تنمية الفقه العملي الذي يحتاج إليه الناس في معاملاتهم وأقضيتهم.
4- تغلبت نزعة الاشتغال باختراع الحيل التي يتخلص بها من الحكم الشرعي ... حتى افترضوا حيلا يسقطون بها الواجبات ويفسدون بها الالتزامات فتجد حيلا لاسقاط الزكاة وحيلا لاسقاط الشفعة وحيلا لاسقاط عدة المطلقة وحيلا لاسقاط الحدود. ولقد أطنب ابن القيم أحد أفذاذ علماء القرن الثامن في كتابه: اعلام الموقعين وإغاثة اللهفان من مصائد الشيطان في الرد على فكرة الاحتيال وبين أنها مضادة لروح التشريع، وإذا علمنا أنهم صنفوا كتبا في الاحتيال عجبنا، وهذا ابن نجيم في كتابه: الأشباه والنظائر يقول: الفن الخامس من ألأشباه والنظائر فن الجبل.
5- تغلب روح التعصب المذهبي الشديد حتى وصل الأمر في ذلك بين اتباع الأئمة إلى المناقشة في صحة الاقتداء بالمخالف في ـ المذهب وأخذت هذه المسألة في كل مذهب مجالا واسعا في البحث والتفريغ، ووصل الأمر أيضا إلى البحث من حكم التزوج من الشافعية فنرى الكمال بن الهمام وهو في الكلام عن حكم التزوج الوثنيات ينقل عن أحد علماء الحنفية: أنه لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال ثم يقول بعد هذا النقل: ومقتضاه =

الصفحة 50