كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

ومنذ أن خرج الخوارج إلى أن ظهرت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خلت القرون بنجد وهي في معزل عن الحركات الفكرية المختلفة إذا استثنينا حركة القرامطة في القرن الرابع الهجري باعتبار أن معقل الحركة المذكورة في الكوفة وإن امتد نفوذها إلى نجد وغيرها.
ولكون الشيخ محمد بن عبد الوهاب نجدي الأصل والنشأة تميمي العرق والنسب ولكون حركته اقترنت منذ البدء بالأمير محمد بن سعود الذي يعود نسبه إلى عترة من ربيعة، ولأسباب أخرى سنعرض لها في حينها فقد وجه إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب أكثر من اتهام من أكثر من مصدر بأنه يدعو دعوة الخوارج (1) وينسج على منوالهم بدليل مذهبه في تكفير مخالفيه وبدليل عقدة الإمامة في غير اصحاب النسب القرشي وهذان الأمران هما رأس عقيدة الخوارج كما شرحها مؤرخو الفرق وعلماء الكلام.
وحتى نستوفي بيان حالة نجد كمكون أساسي من مكونات فكر الشيخ ومنهجه فلا بد من إلقاء الضوء على هذه الحالة في القرون المتأخرة التي انتهت بظهور الشيخ ودعوته. ومن حسن الحظ أن لدينا من المصادر ما يمكن أن يعول عليه استجلاء الحقيقة. ومن هذه المصادر ما توفر لأصحابه صفة المعاصرة والمتابعة للشيخ وحركته. ومنها ما توفر له الاستماع والرواية والمقارنة والتحليل ولئن كانت هذه المصادر لا تخلو من اتخاذ موقف من الشيخ وحركته بالتأييد أو بالمعارضة وانعكاس ذلك على روح الحياة في سوق الوقائع وتحليها. إلا أن الباحث يستطيع أن يتلمس طريقه إلى الحقيقة بمقارنة هذه المصادر بعضها ببعض في الحدود التي يستلزمها البحث.
من أهم المصادر العربية النجدية التي لدينا والتي عاصر اصحابها دعوة
__________
= هاجها أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان أجار لطيمة للنعمان بن المنذر فقال له البراء بن قيس أحد بني ضمره بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: أتجيرها على كنانة: فقال نعم وعلى الخلق كله فوثب عليه البراء فقتله في الشهر الحرام فلذلك سمي الفجار". جـ 1 ص: 198.
(1) محسن الأمين الحسيني العاملي ـ كشف الارتياب في اتباع مجمد بن عبد الوهاب ـ ص116ـ 118

الصفحة 55