كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

وايا كان الأمر فإن جملة المصادر تذهب إلى أن الجزيرة العربية عامة ونجدا بصفة خاصة سلخت القرون المتأخرة والمنتهية بظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جهالة جهلاء حتى أصبحت " موطنا للجور والظلم ومسرحا للحروب والقتال والنهب والسلب." (1) بحيث يمكن القول أنها بلغت من
التدني أحط الدركات حتى لتبدو في جاهليتها الأولى أقل سواء مما آلت إليه، فقد تجرد القوم لا من فضائل الإسلام وقيمه العليا فحسب بل من سائر الفضائل والقيم حتى ما كان منها فطريا مورثا في جبلة العرب وطبائعهم لكأن العرب إذ انطلقوا مع الفتح الإسلامي الأول مسارعين إليه" بين محتسب وطامع." (2) لم يدعوا قيمة خلقية أو نفسية إلا واستودعها رجالهم وخلفوا الجزيرة العربية موطنا للعاجزين ممن قعد بهم عن الجهاد ضعف الإيمان أو ضعف الهمة وضعفهما معا ممن عناهم الله تعالى بقوله: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . (3) وسرعان ما بدت الأجيال التالية لهؤلاء القاعدين اكثر عجزا عن أن تسمو إلى استيعاب حقائق الإسلام والنهوض بتكاليفه. ثم أضيف إلى ذلك العناصر الممتازة التي غادرت الجزيرة تحت ألوية الفتح لم تلبث أن نسبت وطنها الأول بالتدريج" وعادت
__________
السعودية وضمنه اقتباسات ضافية منه وقال في تعريفه إياه:" وفي مكتبه المتحف البريطاني بلندن قرأنا مخطوط لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب فصورناه وقد نقلت منه في هذا الجزء صفحات كثيرة وهو مخطوط له قيمته وإن كان في أخباره شيء من الدس والكذب ويقول المستشرقون: إن مؤلف الكتاب مجهول، ولكننا بصرنا في ذيل صفحة منه الحقت به محتوية على آخر الأخبار التي وصلت إلى المؤلف عن حروب عبد الله بن سعود هذه لكلمات:" وقع الفراغ من تحرير هذا الكتاب في يوم السبت السادس والعشرين من شهر محرم للحرام 1233هـ، كتبه العبد الجانب حسن بن جمال بن أحمد الربكي، وعندنا أن حسن الربكي هو مؤلف الكتاب لا ناسخه" أنظر تاريخ البلاد العربية السعودية ص: 44 وقد تصدى الدكتور أحمد مصطفى أبو حاكمة لمخطوطة لمع الشهاب فقام بطبعها وذكر في مقدمته أنه عنى في تحقيقه لهذا الكتاب بتصويب املائه" على مقتضى قواعدنا الاملائية المعاصرة ولم يعرض لمؤلفه باي بيان. ط مايو 1967 انظر ص 12، وقامت دارة الملك عبد العزيز بطبع هذا الكتاب والرد على ما ورد فيه.
(1) صلاح الدين مختار. تاريخ المملكة العربية السعودية ط أولى ص 27.
(2) البلاذري. فتوح البلدان. ص: 107 نقلا عن الدكتور فيليب حتى تاريخ العرب. جـ 1 ص:196.
(3) سورة النساء: آية: 95.

الصفحة 57