كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

الفصل الأول: موقفه بين الاجتهاد (1) والتقليد (2)
خلت القرون الأولى بالمسلمين وإجماعهم منعقد على أن الاجتهاد واجب، بل فرض كفاية على الأمة، تأثم بتركه كافة ويكفي أن يقوم به أهل
__________
(1) الاجتهاد: لغة: مأخوذ من الجهد فمادته الأصلية (ج. هـ. د) ويعنى بذل المشقة والطاقة فيخرج عنه مالا مشقة فيه أي أنه منوط باستفراغ الوسع في أي فعل كأن يقال استفرغ وسعه في حلم الثقيل ولا يقال استفرغ وسعه في حمل النواة. (القاموس المحيط، مختار الصحاح، البهاري، مسلم الثبوت. ص: 318.
الشوكاني. إرشاد الفحول. ص:249 ن القرافي: شرح تنقيح الفصول ص445 وأيضا بن قدامه المقدسي: روضة الناظر ص: 190. والاجتهاد: اصطلاحاً: يطلق على الاجتهاد المطلق في فروع الشريعة والاجتهاد في المذهب بمعنى بذل الجهد من الفقيه في استخراج الأحكام من أدلتها الشرعية. هكذا عرفه الشوكاني في إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول: ص249. وسبقه على مضمون المعنى سائر الأقدمين كما نهج على ذات المنوال الفقهاء المحدثون. فالبيضاوي في منهاج الوصول ص104 والبهاري في مسلم الثبوت ص318 وابن قدامه المقدسي في روضة الناظر ص 190 والزركشي في البحر المحيط: 3/281 جميعهم يعرفون الاجتهاد بأنه:"بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ظني: أو بعبارة الزركشي: يذل الوسع لنيل حكم شرعي عملي بطريقة الاستنباط". وبعرفه الشيخ أو زهرة من المحدثين بأنه: بذل غاية الجهد في الوصول على أمر من الأمور وفعل من الأفعال وفي اصطلاح علماء الوصول: بذل الفقيه ـ وسعه في استنباط الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية "وينتهي من هذا التعريف إلى أن الاجتهاد قسمان:" أحدهما خاص باستنباط الأحكام وبيانها. والثاني: خاص بتطبيقها". ويستطرد إلى أن: " النوع الأول وهو المعروف بالاجتهاد الخاص قد ينقطع في زمن من الأزمان وهو قول طائفة كبيرة من العلماء ما عدا الحنابلة الذين تمسكوا باستمرار فتح باب الاجتهاد. أما القسم الثاني فقد اتفق =

الصفحة 65