كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

الاقتدار عليه من علمائها عملاً بقوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون} (1) وما كان لشريعة الإسلام أن تستوفي كمالها في التطبيق إلا عن طريق الاجتهاد فيه وحده بتحقيق مراد الله تعالى لها بأنه الشريعة الحاكمة إلى يوم الدين.
ورغم إجماع السلف من علماء الأمة على وجوب الاجتهاد فقد اختلفت مناهجهم في شأنه على النحو الذي فصله علماء أصول الفقه بما ليس عليه مزيد، وحسبي في هذا المقام أن أعرض في إيجاز لمسألتين أراهما جد لازمتين للتعرف على موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الاجتهاد والتقليد هاتان المسألتان هما:
المسألة الأولى: حجية النص الشرعي.
والمسألة الثانية: دلالة النص الشرعي.
__________
=العلماء على أنه لا يخلو منه عصر من العصور، وهؤلاء هم علماء الخريج وتطبيق الأفعال المستنبطة على الأفعال الجزئية فعملهم هو تطبيق ما استنبطه السابقون وهو ما يسمى تحقيق المناط". انظر: محمد أبو زهرة أصول الفقه ص365.
(2) التقليد لغة مستمد من الفعل (قلد) فيقال: قلدتها قلادة: جعلتها في عنقها " والقلادة ما جعل في العنق. (القاموس المحيط مادة: قلد) فوضع الشيء في العنق مع الإحاطة به يسمى قلادة، والجمع قلائد، قال الله تعالى: {وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ} ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخيل ”لا تقلدوها الأوتار" ومن قول الشاعر:
قلدوها تمائما ... خوف واسن وحاسد
ويستعار اللفظ للدلالة على تفويض الأمر إلى شخص كأنما ربط الأمر بعنقه.. ومنه قول القائل:
وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
والتقليد في اصطلاح الفقهاء والأصوليين: اعتماد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه. وفي المستصفى ص: 516 يعرف الغزالي التقليد بأنه: " قبول قول بلا حجة وليس ذلك طريقاً إلى العلم لا في الأصول ولا في الفروع" ويعيب الغزالي على الحشوية ومن نحا نحوهم في القول بأن معرفة الحق طريقه التقليد. وإلى نفس المعنى الذي حصله الغزالي ذهب الشوكاني في ارشاد الفحول: ص26، وابن قدامه في روضة الناظر ص205، القرافي في شرح تنقيح الفصول ص431، وايضا سليمان بن عبد الله في: تجلية الجواب ص: 33.
(1) سورة التوبة: آية 122.

الصفحة 66