كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة
الاجتهاد هو بذل الجهد لمعرفة هذا الحكم.
وترتيبا على ذلك فالشيخ يجعل من ميادين الاجتهاد الأساسية بذل الجهد للوصول إلى النص قبل بذل الجهد لاستخراج الحكم منه، بل ولفرط تعويله على النصوص اسند بعض أحكامه إلى نصوص يرى البعض أنها ضعيفة بل قاده التشبث بالنص إلى الاستدلال بما يرى البعض انه نص موضوع. (1)
(2) مجال الاجتهاد:
لا اجتهاد مع النص، تلك قاعدة قالت بما كل مع عرف له قول معتبر بين الفقهاء والمتكلمين على خلاف بينهم في دقة التزامها بعد ثبوت تقريرها، ولكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرتفع بهذه القاعدة إلى ذروة التأكيد وقمة الإتباع فلا إنكار في مسائل الاجتهاد عنده شريطة الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله" ولم كان أعلم الناس وأتقاهم، وإذا كان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق وأمرنا بإتباعه وترك ما خالفه فمن تمام ذلك ان من خالفه من العلماء مخطئ ينبه على خطئه وينكر عليه، وإن أريد بمسائل الاجتهاد مسائل الخلاف التي لم يتبين فيها الصواب فهذا كلام صحيح (2) " ومنهجه في هذا الخصوص هو عين منهج السلف، فما كان لرأي كائن من كان أن يقوم في مواجهة نص من كتاب أو
__________
(1) فقد أورد في إحدى رسائله استدلالا بقصة الغرانيق بعد أن ساقها على النحو التالي:
" قصة قراءته صلى الله عليه وسلم سورة النجم بحضرتهم (أي الكفار) فلما بلغ: (أفرأيتم اللات والعزى) ألقى الشيطان في تلاوته: تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهين لترتجي. فظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها ففرحوا بذلك وقالوا كلاما ما معناه: هذا الذي نريد ونحن نعرف أن الله هو النافع الضار وحده لا شريك له ولكن هؤلاء يشفعون لنا عنده، فلما بلغ السجدة سجد وسجدوا معه فشاع الخبر أنهم صافوه وسمع بذلك من بالحبشة فرجعوا. فلما أنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عادوا إلى شر مما كانوا عليه ولما قالوا له أنك قلت ذلك خاف من الله خوفا عظيما حتى أنزل الله عليه (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) رسالته الثانية. مجموعة التوحيد. ص246 ومنها يبين أنه عول على حديث روي من طرق كلها ضعيفة ومنقطعة ولا يحتج بشيء منها عند الجمهور اتفاقا إلا من يحتد منهم بالمرسل وقد عرض محقق مجموعة التوحيد بهامشه لذلك منبها إليه وإن قرر أنه لا يعترض على المصنف بذكرها لكونها مذكورة في كتب الحديث والتفسير والسير ونفى أن يكون المصنف قد احتج بها.
(2) الدرر السنية: جـ 4/5
الصفحة 73
263