كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة
سنة، فابن عمر كان يدع قول عمر إذا ظهرت له السنة، وابن عباس اشتد غضبه على من عارض السنة بقوله: قال أبوبكر وعمر، وعبر عن هذا الغضب الشديد بقوله: "توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبوبكر وعمر فرحم الله ابن عباس ورضي الله عنه." (1)
وتأتي حجية الاجماع بعد حجية النص ويعبر الشيخ عن ذلك بقوله:" ولا خلاف بيني وبينكم أن أهل العلم إذا أجمعوا وجب اتباعهم (2) " وفي موضع آخر يقول:" وأنا أدعوا من خالفني.. إما إلى كتاب الله وإما إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما إلى إجماع أهل العلم." (3)
ومناط الاجماع عنده إجماع سائر علماء الأمة فذلك وحده هو الاجماع الملزم " فليس المراد الأئمة الأربعة، ولفرط تعلقه بالاجماع ينفر من التفرق والاختلاف ويسخر من قول القائلين بأن اختلافهم رحمة" وأما قولهم اختلافهم رحمة فهذا باطل بل الرحمة في الجماعة والفرقة عذاب." (4)
(3) الشروط الواجب توافرها في المجتهد:
الاجتهاد على ما حصلنا معناه لغة واصطلاحا يتطلب استفراغ جهد الباحث للوصول إلى ما ينال قناعته في المسالة محل البحث، وعلى ذلك فالشرط البديهي في المجتهد أن يكون ملما بأطراف المسالة التي يجتهد فيها. واجتهاد أهل العلم لاستخراج الأحكام الشرعية من أدلتها يستلزم لذلك حسن إحاطة المجتهد بالأدلة الشرعية من حيث مصادرها ودلالة نصوصها وناسخها من منسوخها ومخصصها من عامها ومطلقها من مقيدها. وحتى يلم الفقيه بذلك يلزمه أن يكون على دراية باللغة العربية وأصولها ومفرداتها وتراكيبها وطرق الاشتقاق فيها وكناياتها ونحوها وصرفها ووجوه البلاغة في استعمالاتها، إلى
__________
(1) ابن القيم. اعلام الموقعين 2/328
(2) ابن غنام. تاريخ نجد ص221
(3) المرجع السابق ص229
(4) الدرر السنية في الأجوبة النجدية4/5
الصفحة 74
263