كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة
آخر ما هو مدون في كتب الأصوليين والفقهاء، على خلاف بين العلماء في التشديد على هذه الشروط أو التيسير فيها.
ففي خصوص وجوب العلم بمصادر الأحكام يتفق الجمهور على وجوب إتقان علوم القرآن الكريم على خلاف بينهم في وجوب حفظه كله أو الاكتفاء بحفظ بعضه.
فالإمام الشافعي يستلزم في المجتهد حفظ القرآن الكريم كله لما يراه من أن: الحافظ أضبط لمعانيه من غير الحافظ الناظر فيه (1) " والقائلون بالتيسير بالاكتفاء بحفظ بعضه يتفقون على أن يشمل المحفوظ آيات الإحكام على خلاف في آية (2) ، بينما روي عن أبي يوسف أنها ألف ومائتان آية (3) ،ونقل عن ابن المبارك ان عددها تسعمائة آية (4) .
واتفق الجمهور على وجوب علم المجتهد بالسنة القولية والفعلية والتقريرية في الموضوعات التي يجتهد فيها مدركا مراميها ومناسبتها عارفا بالناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد منها، عارفا كذلك بإسناد الأحاديث وأحوال الرواة، ومع إجماع الجمهور على ذلك اختلفوا في عدد الأحاديث التي يجب على المجتهد حفظها. يقول الشوكاني:" والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بد أن يكون عالما بما اشتملت عليه مجاميع السنة التي صنفها أهل الفن (5) "، وروي أن الإمام احمد سئل عن العدد المطلوب من الأحاديث الواجب حفظها فأجاب أنها: أربعمائة ألف حديث ووقف في بعض الروايات على ثلاثمائة ألف وقال لعله يكفيه. وفي بعض الروايات لم يظهر موافقته إلا على خمسمائة ألف حديث ونقل عنه أقل من ذلك أيضاً (6) .
__________
(1) د. سيد موسى الأفغاني. الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه. ص181
(2) الغزالي المستصفي: 2/350
(3) ابن قدامة. روضة الناظر: 2/41
(4) الرازي المحصول 708-709
(5) الشوكاني. ارشاد الفحول ص251
(6) ابن القيم اعلام الموقعين 1/50
الصفحة 75
263