كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة
ويتفق الجمهور كذلك على وجوب علم المجتهد باللغة العربية باعتبارها أداة البيان لشرع الله تعالى في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن الفقهاء من يشتط في الإلزام بالإحاطة بمصادر اللغة العربية حتى ليلزم المجتهد بمعرفة الشعر كما ذهب الشافعي (1) تقديرا منه لدورة الشعر في حفظ اللغة العربية قبل الإسلام وانه كان الوعاء الذي حمل تراكيبها ومفرداتها وكناياتها.
وبجانب هذه الشروط الموضوعية يذهب الجمهور إلى اشترط كون المجتهد عاقلا بالغا" لأن غير البالغ لا يصح نظره لعد اكتمال قواه العقلية ولذلك فهو ليس مكلفا بما كلف به البالغون من أعمال. (2) ونقل الإمام السيوطي عن الأستاذ ابي جعفر المنصور التميمي ما يفيد أن الإنسان لما كمل عقله، ميز بين النافع والضار وأمكن له الاستدلال بالشاهد على الغائب يمكنه الاجتهاد عمليا ويجوز له ذلك شرعا ولو لم يبلغ. إلا أنه لا بجب عليه الاجتهاد قبل البلوغ (3) .
وقال أبو المعالي: الصبي يتصور منه الاجتهاد ويصح منه وعند المعتزلة يجب عليه إذا ميز الإتيان بالمعارف العقلية أي أنهم لا يشترطون البلوغ على هذا الإدراك مرتبة الاجتهاد.
والذي أراه أنه ربما يصل الصبي إلى مرتبة من النضج قبل البلوغ بحيث يبدو أنه صالح للارتقاء إلى مرتبة الاجتهاد. إلا أن اكتمال قوى الإنسان العقلية قبل سن البلوغ أمر غير مألوف، وعلى ذلك لابد من النضج حتى تكتمل القوى العقلية وترتفع دقة الملاحظة عند الإنسان حتى يكون أهلا لارتقاء أول سلم الاجتهاد وهو:" أن يعرف قدراً صالحاً من المعقولات حتى يعرف بذلك ما يجوز ان يرد به الشرع وما لا يجوز." (4)
ولدى التعرف على منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب من مسألة تحديد
__________
(1) ابن القيم اعلام الموقعين 1/51.
(2) البناني. جمع الجوامع وحاشية البناني ـ 2/283.
(3) السيوطي. الرد على أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض ص84.86.
(4) السيوطي على أخلد إلى الأرض –ص92.93
الصفحة 76
263