كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

إسلامه قد تنصر: يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا قال: "أليس يحلون لكم ما حرم الله عليكم فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟ " فقلت: بلى، قال: "فتلك عبادتهم". أخرجه أحمد والترمذي وحكى بن القيم عن أحمد بن حنبل أنه قال: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي وخذ من حيث أخذوا) . (1) ويعرض الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكل ما تقدم فينتهي منه إلى النهي عن تقليد العلماء بلا حجة لكون ذلك في مقام اتخاذهم أربابا. وهو الذي سماه الله ورسوله شركا وهو اتخاذ العلماء أربابا." (2)
فالقاعدة المقررة لدى ابن عبد الوهاب ذم التقليد والتحذير من الوقوع فيه وأنه طريق إلى الضلالة لا إلى الهداية ويقول في وصف المقلدين:" إن دينهم مبنى على أصول أعظمها التقليد فهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار أولهم وآخرهم." (3)
فهل لهذه القاعدة المقررة عنده من استثناء؟ بمعنى: هل تعرض أحوال يباح فيها التقليد وما هي شروط إباحته؟
بديهي حسبما قدمنا أن الاجتهاد النافي للتقليد يقتضي حركة عقلية لاستخلاص الحكم من دليله مما ذهب معه العلماء إلى تقرير أن للمجتهد شروطاً لا بد من توافرها حسبما حصلنا في هذا الخصوص. وبديهي كذلك أنه ليس في الإمكان توفر هذه الشروط في كافة المكلفين من المسلمين، لان استجماعها يقتضي انقطاعا على نحو أو آخر لتحصيلها والمهارة فيها وليس متصورا ان تقف عجلة الحياة بالمسلين عند هذا الانقطاع. فإذا لم يمكن ان يكون كل مسلم مكلف فقيها مجتهدا، وإذا لا يتصور ان يستوي أهل العلم في حصيلة علمهم بل فيهم على الدوام الأفضل والفاضل والمفضول، فقد استبان من ذلك ان التقليد ـ حيث تعذر الاجتهاد ـ يباح كضرورة تقدر بقدرها، وحتى نضبط هذه الضرورة ونقدرها نعرض لمسائل ثلاث:
__________
(1) د. إبراهيم هلال ولاية الله والطريق إليها ص: 311.
(2) ابن غنام. تاريخ نجد ص220
(3) مجموعة التوحيد ص: 227

الصفحة 82