كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

تمهيد
اكتمل تكريم الله للإنسان بالقران الكريم.
وتمثل هذا التكرم في أنه جاء كتاباً يتلى، ليستخرج العقل الإنساني من عبودية التقليد إلى حرية التفكير. وليضع لهذه الحرية العقلية معالم تهدي المفكرين إلى سواء السبيل.
معالم تهدي ركب الحياة في سيره الحثيث.
ولكنها ليست قيوداً تشل الحياة وتورث الجمود.
واهتدى السلف الصالح إلى منزلة التفكير كفريضة فأدوها، وإلى ضرورة المعالم والحدود التي وضعها العليم الخبير فانتهوا إليها ولم يضيعوها.
فقدّموا للإنسانية حضارة فريدة تقدّر المقول وتحفظ المنقول. ثم خلف من بعدهم من توزعتهم أهواء الإفراط والتفريط حتى أضاعوا التوازن المعجز الذي جاء به الإسلام صيانة للعقل والنقل على السواء، فأخذوا عرض الكتاب وأهدروا غاياته!
فريق استهواه بريق الفلسفة الأرسطية ذات الأقيسة الجدلية فآثر استخدام منطقها للدفاع عن عقيدة الإسلام، وفاته أن للعقيدة منطقها المستقل في البحث والاستدلال. فكان كمن قاتل معركة بغير سلاحها فأرهق نفسه وأرهق المثل التي يدافع عنها، وانتهى إلى أن أفرط في العقل حتى فرط في النقل.

الصفحة 9