كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة
علماء المدينة هو الشيخ محمد حياة السندي (1) يسأله حكم الشرع فيما يفعل هؤلاء، فكان جواب الشيخ السندي أن تلا عليه قول الله تعالى: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . (2)
ولم يلبث أن اطمأن إلى ما هداه إليه تأمل من واقع الحياة الهابط والهوان الذي عليه الناس والبدع التي استذلهم بها الشيطان إنما هي أمور تخالف أصول الدين وحقائق العلم، فطفق ينكر على الناس ما هم فيه من بدع وضلالات فإذا به يواجه بالإنكار عليه ويتزعم هذا الإنكار من يتسمون في الناس بالعلماء، وإذا بهؤلاء المنكرين عليه يرمونه بالجهل وقلة العلم ويستعدون عليه ذوي الجاه والسلطان وإذا به بمواجهة مجتمع جاهل يقوده علماء سوء يجتمعون بسلطان غاشم، وسرعان ما فطن إلى أن الطامة الكبرى في هذا الثالوث الضال تكمن في علماء السوء فهم ضلال العوام ومطايا الحكام فاستيقن الإخلاص من هذا الغاشية التي تغشى الأمة إلا بتخليص العلم من قبضة الخرافة وذلك بتحديد مصادر العلم والمعرفة والاحتكام إليها وحدها بعد تنقيتها من شوائب الجهل والخرافة.
ومن هذا المنطلق تحدد منهجه في تحصيل العلم والمعرفة والاحتكام إليها، فهو لا يرى علما يقينيا إلا ما أنزله الله تعالى أو أخبر به رسوله المعصوم صلى الله عليه وسلم، فعلم الكتاب والسنة وحدهما هما المرجع والمآب وفيهما وحدهما فصل الحجة وفصل الخطاب، وقد خاض ضد خصومه معركة ضارية في هذا السبيل فقد استهول الناس أن يطرحوا جانبا سائر المصنفات والحواشي التي تراكمت في العصور المتأخرة وحلفت بالخرافات والشعوذات والأباطيل وكتب سليمان بن سحيم يستعدي المسلمين على الشيخ لأنه:" أحرق دلائل الخيرات لأجل قول صاحبها سيدنا ومولانا، وأحرق أيضا روض الرياحين وقال: هذا روض الشياطين" وندد بأقوال ابن الفارض وأبن عربي وترك تمجيد السلطان (3) .
وإذ تبين أن العامة يجهلون حقائق الدين وأنهم ضحايا أشباه العلماء
__________
(1) ابن بشر. عنوان المجد في تاريخ نجد ـ جـ 1 ص7
(2) سورة النحل آية: 78
(3) ابن غنام، تاريخ نجد. 293.295
الصفحة 91
263