كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة

جاءه من الأذى، وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به فإن الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قله العمل بهذا أو قله فهمه." (1)
ومن هذا النص يبدو لنا الارتباط القائم في ذهن الشيخ بين قلة الفهم أو قلة العمل وإن كلاهما يدخل الخلل على الدين، ولفرط حرصه على أن يتصف المسلم بعلم يعمل به وبعمل يقوم على الفهم لا على التقليد كانت تعاليمه رسائل حية تناقش أوضاع الناس وما يجب أن تكون عليه، ولم تكن مجرد كتب ونظريات تملأ القرطاس ويخلو منها واقع الناس:"فكان يكتب الرسائل ويلقي الخطب ويعقد المجالس ويتحدث للناس في العقيدة والفقه والسياسة والإدارة وأحوال المجتمع وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعتني بالوفود وطلاب العلم وحاجات المجاهدين ويكاتب البلاد القريبة والبعيدة إلى غير ذلك من شؤون الحياة العامة التي كانت تشغل أكثر وقته..فلا يجد متسعا من الوقت لتأليف الكتب المستفيضة، لذلك كانت رسائله أكثر من كتبه وأحاديثه أكثر من رسائله وكان في كتبه يميل في الغالب إلى الاختصار." (2)
فالعلم والعمل عنصران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر في سائر جوانب عقيدة المسلم بدءا بالتوحيد الذي لا يكتمل في قلب المسلم غلا بشقيه: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية بإقرار وحدانية الله وصرف كل عبادة إليه عملا، ويكرر الشيخ القول بأن كل توحيد يخلو من هذين العنصرين هو في الحقيقة تعطيل لحقائق الإسلام " والتوحيد الذي أما تعطيل حقائق الأسماء والصفات، فلو كانوا موحدين بالكلام وهو أن يصفوا الله بما وصفته به رسله لكان معهم التوحيد دون العمل وذلك لا يكفي في النجاة، بل لابد أن يعبدوا الله وحده ويتخذوه إلهاً دون ما سواه، وهو معنى قوله" لا إله إلا الله " فكيف وهم في القول معطلون جاحدون لا موحدو ولا مخلصون (3) ".
ويعرض الشيخ لسائر أركان الإسلام فيجلي جوانبها وأن كمالها مرهون
__________
(1) ابن غنام. تاريخ نجد ص: 411
وأيضا: الدرر السنية في الإجوبة النجدية جـ 7 ص25
(2) د. منير العجلاني. تاريخ البلاد السعودية ص329
(3) ابن غنام. تاريخ نجد. ص406

الصفحة 93