كتاب شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (اسم الجزء: 1)

__________
= أما رواية رفع " كل " - سواء أكانت " وليس كل النوى يلقي المساكين " - أم كانت " وليس كل النوى تلقي المساكين " فليس فعل ماض ناقص، وكل: اسم ليس، وكل مضاف، والنوى: مضاف إليه، ويلقي أو تلقي: فعل مضارع، والمساكين: فاعله، وجملة الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس، ولا شاهد في هذا البيت على هاتين الروايتين لما نحن فيه، وليس فيه إيهام لامر غير جائز، غير أن الكلام يحتاج إلى تقدير ضمير يربط جملة خبر ليس باسمها، وأصل الكلام: وليس كل النوى يلقيه المساكين، أو تلقيه المساكين.
فإن قلت: كيف جاز أن يروى " تلقيه المساكين " بتأنيث الفعل مع أن فاعله مذكر، إذ المساكين جمع مسكين.
فالجواب عن ذلك: أن المساكين جمع تكسير، وجمع التكسير يجوز في فعله التذكير والتأنيث بإجماع النحاة بصريهم وكوفيهم، سواء أكان مفرد جمع التكسير مذكرا أم كان مفرده مؤنثا، ومن ورود فعله مؤنثا - مع أن مفرده مذكر - قول الله تعالى: (قالت الاعراب آمنا، قل لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا) فإن مفرد الاعراب أعرابي.
وأما رواية نصب كل والفعل " يلقي " بياء المضارعة، فليس: فعل ماض ناقص، واسمها ضمير شأن محذوف، وكل مفعول مقدم ليلقي، وكل مضاف والنوى: مضاف إليه، ويلقي: فعل مضارع، والمساكين: فاعله، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر ليس، ولا يجوز في البيت على هذه الرواية غير هذا الوجه من الاعراب، نعني أنه لا يجوز أن يكون قوله المساكين اسم ليس مؤخرا، ويلقي فعلا مضارعا فاعله ضمير مستتر يعود إلى المساكين، وجملة يلقي وفاعله في محل نصب خبر ليس تقدم على اسمها.
فإن قلت: فلم لا يجوز أن يكون المضارع مسندا إلى ضمير مستتر يعود إلى المساكين إذا روى البيت " وليس كل النوى يلقي المساكين " بنصب كل؟ فالجواب أن ننبهك إلى أن الفعل المسند إلى ضمير يعود إلى جمع التكسير لا يجوز أن يكون كفعل الواحد المذكر، فأنت لا تقول: الاعراب قال، ولا تقول: المساكين يلقي، وإنما يجوز فيه حينئذ أن يكون ضمير الجماعة: فتقول: الاعراب قالوا، وتقول =

الصفحة 285