كتاب شرح الأربعين النووية للمناوي حـ 29 - 35

الصحيفة بقرينة (تمحو)، ثم في الدرجة الثالثة تطفئ الخطيئة لمقام الحكاية عن المباعدة عن النّار، فلمَّا وضع الخطيئة موضع النَّار على الاستعارة (¬1) المكنيَّة (¬2) أَثبَتَ لها على الاستعارة التخييليّةِ ما يلازم النّار من الإطفاء ليكون قرينةً مانعةً لها من إرادة الحقيقة [من الخطيئة] (¬3).
وأمَّا {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (¬4) فمن إطلاق اسم المسبَّب على السّبب (¬5)، وأمَّا معنى إذهابِ السَّيئةِ بالحسنة: إذا كانت بين العبد وربِّه فظاهرٌ، وأمَّا إذا
¬_________
(¬1) الاستعارة: استعمال اللّفظ في غير ما وضع له لعلاقة (المشابهة) بين المعنى المنقول عنه والمعنى المستعمل فيه، مع (قرينةٍ) صارفة عن إرادة المعنى الأصليّ كقولك: رأيت أسدًا في المدرسة، فكلّ مجاز يبنى على التشبيه (يسمى استعارةً)، وهي تنقسم بحسب ما يذكر من الطرفين إلى قسمين: تصريحيّة، وهو ما يذكر في الكلام لفظ المشبّه به فقط مثل: رأيت أسدًا يخطب، وإذا ذكر في الكلام لفظ المشبّه فقط، وحذف فيه المشبه به، وأشير إليه بذكر لازمه: المسمى «تخييلًا» فاستعارة مكنيّة أو بالكناية، و (الاستعارة التخييلية) قرينة المكنيّة، فهي لازمةٌ لا تفارقها، لأنه لا استعارة بدون قرينة، وإذًا تكون أنواع الاستعارة ثلاثة: تصريحيّةً، ومكنيّةً، وتخييليّةً. انظر: عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (2/ 159) وجواهر البلاغة (261).
(¬2) الاستعارة المكنيّة: أي: مخفى فيها لفظ المشبّه به، استغناءً بذكر شيءٍ من لوازمه - فلم يذكر فيها من أركان التشبيه، سوى المشبه، ولا بدّ لها من قرينة، وهو المسمى (بالتخييلية) كما سبق. نهاية الأرب في فنون الأدب (7/ 55) وجواهر البلاغة (ص: 260).
(¬3) ما بين معقوفتين زيادة من نسخة (ب) , وهو الموافق لما في المصدر.
(¬4) سورة النساء: (10).
(¬5) وهذا ما يسمَّى بـ (المجاز المرسل) كما ذكر البلاغيون وهو: ما بينه وبين موضوعه علاقة غير المشابهة، وإنما سمّي مرسلًا؛ لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة، إذ ليست العلاقة بين المعنيين المشابهة حتى يدعى اتحادهما، وعلاقة المجاز المرسل معناها: أن يكون هناك تلازم وترابط يجمع بين المعنيين، وهذه العلاقات كثيرة أشهرها ما يلي: علاقة السببية، وهو أن يكون المعنى الموضوع له اللفظ المذكور سببًا في المعنى المراد فيطلق السبب على المسبب، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (2/ 130).

الصفحة 102