كتاب شرح الأربعين النووية للمناوي حـ 29 - 35

وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬1) المترتّب عليه ما دلَّ عليه: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2).
والجُمهورُ أنّ ما في الآية كنايةٌ عن كثرة النفلِ بالليل, فإنهم أخفوا أعمالهم، فجُوزُوا بما أخفيَ لهم من قُرَّة الأعْيُن (¬3)، وإنما يتمُّ إخفاؤه بالصلاة (¬4) في جوف الليل، فما قيل من أنَّه كناية عن صلاةٍ بين العشاءين يردُّه ظاهرُ هذا الحديث (¬5).
«ألا أُخبركَ» حثٌّ وتحريضٌ على الإصغاء لما يلقيه إليه.
«برأسِ الأمْرِ» أي: الدِّين أو العبادة أو الأمر الذي سأل عنه.
«وعَمودِهِ» الذي (¬6): يقوم به, ويعتمد عليه كعمود القُسطاط (¬7).
«وذِروة» بتثليث الذَّال المعجمة، ومن اقتصر كالطوفِّي (¬8) والطيبيِّ (¬9) على الفتح
¬_________
(¬1) سورة السجدة (16).
(¬2) سورة السجدة (17).
(¬3) في (ب): أعين.
(¬4) كذا في النسختين, ولعلَّ الأقرب: (وإنما يتمُّ إخفاؤه الصلاة في جوف الليل) أو نحو هذا.
(¬5) قال ابن كثير في تفسير الآية: (يعني بذلك: قيام اللّيل، وترك النّوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة. قال مجاهدٌ والحسنُ في قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} يعني بذلك: قيام الليل. وعن أنس، وعكرمة، ومحمّد بن المنكدر، وأبي حازم، وقتادة: هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضا: هو انتظار صلاة العتمة، رواه ابن جريرٍ بإسنادٍ جيدٍ). تفسير القرآن العظيم (6/ 363).
(¬6) في (ب): أي ما يقوم به.
(¬7) في الأصل: (القسطاط) , بالقاف, وفي (ب) بالفاء, قال في مجمع بحار الأنوار (4/ 269) (القسطاط, وهو الفسطاط). وفي لسان العرب (7/ 371)، وتاج العروس (16/ 336): ضرب من الأبنية، وفيه لغات منها: الفُسطاس.
(¬8) التعيين (220).
(¬9) الكاشف عن حقائق السنن (2/ 487).

الصفحة 106