فيه، وهو والكراهة متقاربان (¬1).
واعلم أنَّ التباغُضَ بين شخصين: إمَّا من الطرفين بأن يبغض كلٌّ منهما الآخر، أو من أحدهما بأن يبغض أحدهما صاحبه دون الآخر، فهي ثلاثُ صُوَرٍ، ثمَّ البغض فيهنَّ إمَّا لله، / [132/أ] أو لغيره.
والتباغضُ والبغضُ حرامٌ إلَّا في الله فإنَّه واجبٌ ومن كمال الإيمان (¬2)؛ لخبر: «من أحبَّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» (¬3) فإنَّ عموم النَّهي عن التباغضِ مخصوصٌ بالبغض في الله, فهو محرَّمٌ خُصَّ بواجبٍ أو مندوب.
قال الطوفيّ: (ويثاب المتباغضان في الله (¬4) -وإن كان أحدهما مخطئًا-؛ لأنَّ الغرض أنَّ كلًّا منهما أدَّاه اجتهاده إلى اعتقادٍ أو عملٍ ينافي اجتهاد الآخر فيبغضه على ذلك،
¬_________
(¬1) انظر: الفروق اللّغوية للعسكري (129).
(¬2) كذا في الأصل, وهو الصواب, وفي (ب): ومن ذلك كمال الإيمان.
(¬3) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (5/ 60، رقم 4681) والبغويّ في شرح السنة (13/ 54) عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه، ويحيى بن الحارث هو الذِّماريُّ، أبو عمرو الشاميّ ثقةٌ، انظر: التقريب (7522)، والقاسم هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الشامي، تكلّموا فيه كثيرًا، قال فيه الحافظ في التقريب (5470): (صدوقٌ يُغرب كثيرًا)؛ لذا فما يتفرَّد به فهو ضعيف، وللحديث شاهدٌ أخرجه التِّرمذي في أبواب صفة القيامة، باب 60 (4/ 251، رقم 2521) وأحمد (24/ 399) من طريق أبي مرحومٍ عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذٍ عن أبيه معاذِ بن أنس الجهنيّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من أعطى لله تعالى ومنع لله، وأحبَّ لله، وأبغض لله، وأنكح لله فقد استكمل إيمانه» ولكنَّ الترمذيَّ قال فيه (منكرٌ)، وأبو مرحوم قال الحافظ في التقريب (4059) صدوق؛ لكن لعلَّه إلى الضَّعف أقرب؛ فقد ضعَّفه ابن معينٍ، وقال أبو حاتمٍ: يكتب حديثه ولا يحتجُّ به، وأقوى ما قيل في تعديله قول النَّسائيِّ: (أَرجو أنَّه لا بأس به) ولم أقف على معدِّلٍ له آخر، نعم ذكره ابن حِبَّان في الثقات (7/ 134) انظر: تهذيب التهذيب (6/ 308)، لذا فالمرجَّح ضعف الحديث، والله أعلم.
(¬4) في (ب): (لله).