كتاب شرح الأربعين النووية للمناوي حـ 29 - 35

بوجهه إذا رآه، ولا يقطعه بعد صُحْبته له في غير جُرمٍ يجوز له العفو (¬1) عنه (¬2).
(المسلم أخو المسلم) بدليل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬3) أي: جمعتهم الأخوة الإسلاميَّة بالحضرة المحمَّديَّة لاتِّحاد الموافقة في ورود المشربِ الإيمانيِّ، والمدد الإحسانيِّ (¬4)، وكلُّ اتفاقٍ بين شيئينِ أو أَشياء: يطلق عليه اسم الأُخُوَّة، ويشترك فيه الْحُرُّ والبالغُ وضدُّهما، فأخوك مَنْ وافقك في الدِّين والذَّوق، ومدد الأفْهام (¬5)، لا مَنْ شاركَكَ في معنى صورة النُّطْفَة في الأرحام؛ ولهذا ورَّثَ الشافعيُّ المؤمنين بعضَهم بعضًا عند فقد التَّوارُث بالقَرَابة، ولم يورِّثْ بأخوَّة النَّسب عند الِافتراق في الدِّين (¬6).
¬_________
(¬1) في الأصل: (في غير جرمٍ أفي جرمٍ يجوز له العفو عنه) , والمثبت من (ب) , وفي التمهيد: (في غير جُرمٍ، أو في جُرمٍ يحمد له العفو عنه).
(¬2) التمهيد (6/ 126).
(¬3) سورة الحجرات: (10).
(¬4) هذه مصطلحاتٌ صوفيَّة.
(¬5) كذا في النسختين، ولم يظهر لي معناها.
(¬6) هذه المسألة مشهورةٌ في الفرائض بمسألة التوارث بجهة الإسلام، أو من لم يكن له وارثٌ يرث بأحد الأسباب الثلاثة المتَّفق عليها: (النكاح، والنسب، والولاء) فهل يودَع ماله في بيت مال المسلمين؟ فيه ثلاثة أقوال:
القول الأوَّل: أنَّه ليست جهة الإسلام سببًا من أسباب الإرث مطلقًا أي: سواءً كان بيت المال منتظمًا أو غير منتظمٍ، وهو قول الحنابلة والحنفية. انظر: المغني لابن قدامة (9/ 216)، وحاشية ابن عابدين (5/ 488).
والقول الثاني: أنَّها سببٌ من أسباب الإرث مطلقًا، وهو قول المالكيَّة، وأحد القولين في مذهب الشافعيَّة، بل هو منقول المذهب على الأصل، كما عبَّر به الشربيني في المغني، انظر: الشرح الكبير للدردير (4/ 416)، ونهاية المحتاج (6/ 9). ومغني المحتاج (4/ 12).

والقول الثالث: أنَّ بيت المال يكون وارثًا إذا كان منتظمًا، وهو الأرجح عند الشافعيَّة، ولذا قال النوويّ: (ولو فقدوا كلُّهم: فأصل المذهب أنَّه لا يورَّث ذوو الأرحام، ولا يردُّ على أهل الفرض، بل المال لبيت المال، وأفتى المتأخرون: إذا لم ينتظم أمر بيت المالِ بالرَّدِّ على أهل الفرض غير الزوجين ما فضل عن فروضهم بالنسبة). منهاج الطالبين (338)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (6/ 391). انظر: التحقيقات المرضيَّة للفوزان (41).

الصفحة 205