كتاب شرح الأربعين النووية للمناوي حـ 29 - 35

أعلاه، شوّقه به لمعرفة ذلك ليقبل عليه بشراشُرِه ويصغي إليه بكلِّيته) (¬1).
وقال أيضًا: («و» سفكوا «دماءهم» بمجرَّد دَعْواهم فوضَعَ (ادَّعى) موضعَ (أخذ، وسفك) وضعًا للسببِ موضع المسبَّب؛ لأن الدَّعوى سببٌ للأخْذ والسَّفك، فامتناعُ كلٍّ: لِامتناعِ الإعطاء بلا بيِّنة، كما هو شأن (لو) فإنَّها لامتناع الثاني -أعني الجزاء- لامتناع الأوَّل أعْني الشَّرط) (¬2).

ثانيًا: جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجبٍ الحنبليِّ رحمه الله: لم يكن للمصنِّف غرضٌ في شرحه: (غيرَ شرح معاني كلمات النبيِّ صلى الله عليه وسلم الجوامع, وما تتضمَّنه من الآداب والحكم والمعارف والأحكام والشرائع) (¬3).
ولذا لم يعرِّج -في الغالب- على المسائل اللغويَّة, والاستطراد فيها كما في شرحي المناوي والفاكهيِّ.

ثالثًا: المنهج المبين لأبي حفصٍ الفاكهانيِّ رحمه الله:
ذكر في مقدِّمة الكتاب أنَّه سيشرح ألفاظ الأحاديث من حيث اللُّغةُ والإعرابُ, وتحرَّى في تفسيرها وتبيينها أسدَّ طرق الصواب (¬4).
من ذلك قوله في شرح حديث: (كفَّ عليك هذا):
(أي: اللسان جارحة الكلام ... واللسان: لسان الميزان, وأما اللِسن بكسر اللام فاللغة, يقال: لكلِّ قومٍ لسنٌ, أي لغةٌ يتكلمون بها, فأمَّا الجارحة فتذكَّر وتؤنَّث, قال أبو عليٌّ: ولغة القرآن التذكير, ويجيء الجمع فيه على أفعِلةٍ ... قلت -الفاكهاني-: يريد أنَّ القاعدة في ذلك: أنَّ كل اسمٍ كان على أربعة أحرفٍ ثالثه حرفُ مدٍّ ولينٍ, إن كان مذكَّرًا: جمع على أفعلة, نحو: خوانٌ وأخوِنَة, وعَمود وأعْمِدة, ورغيفٌ وأرغِفَة, وإن كان مؤنَّثًا جُمِعَ على أفعُل, نحو: عَناق وأعنُق, وذِراع وأذرُع, وقد جاء في القرآن على أفعِلة,
¬_________
(¬1) ص (105) من هذا الكتاب.
(¬2) ص (162 - 163) من هذا الكتاب.
(¬3) جامع العلوم والحكم (19).
(¬4) المنهج المبين (36).

الصفحة 64