كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق (اسم الجزء: 1)
فدخل فرآه فقبَّل بين عينيه - صلى الله عليه وسلم -، وقال: بأبي أنت، أما الموتة التي كَتَب الله عليك فقد مِتّها، والله لا يجمع عليك موتتين، ثم خرج فخطب الناسَ وقال: مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإنّ الله حيٌّ لا يموت. ثم قرأ هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٤]، فكأنّ الناس لم يسمعوها حتى تلاها أبو بكر - رضي الله عنه -، فلا يوجد إلا مَن يتلوها (¬١).
وكذلك بيانه له لما توقَّف في قتال مانِعِي الزكاة، وغير ذلك (¬٢).
والمقصود هنا [ت ٩] أنه إذا كان مثلُ عمر الذي هو أفضل الأمة بعد أبي بكر، وهو الملْهَم المحدَّث الناطق بالصواب، الذي لو كانت النبوّةُ ممكنةً بعد محمد لكانت له= مأمورًا (¬٣) أن يردّ (¬٤) ما يُلقى في قلبه إلى الكتاب والسنة، فغيرُه من الشيوخ والعلماء أولى بذلك، فإنه ليس بعده مثله.
ولهذا قال الجُنيد - رحمه الله -: عِلْمُنا هذا مقيّد (¬٥) بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصلح له أن يتكلّم في عِلْمنا (¬٦).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٢٤١، ٣٦٦٧ - ٣٦٦٨، ٤٤٥٢، ٤٤٥٣).
(¬٢) أخرجه البخاري (١٣٩٩ - ١٤٠٠)، ومسلم (٢٠).
(¬٣) كتب فوقها في النسخة: «هذا خبر كان».
(¬٤) كتب فوقها في النسخة تعليقًا: «الصواب: أن يورد، ولكن هكذا في المنتسخ». وما في النسخة صحيح لا غبار عليه.
(¬٥) النسخة: «مقيدًا»، خطأ.
(¬٦) ينظر «حلية الأولياء»: (١٠/ ٢٥٥)، و «الرسالة القشيرية»: (١/ ٧٩).