كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق (اسم الجزء: 1)

والمهتدون (¬١) هم الذي يعلمون الحق ويعملون به، كما قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧].
وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اليهودُ مغضوبٌ عليهم والنصارى ضالون» (¬٢)، ولا يحصل اتباع الصراط المستقيم إلا بالعلم الواجب والعمل اللذين يُتَّبَع فيهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فلابدَّ من عِلْم ولابدَّ من عمل، وأن يكون كلاهما موافقًا لما جاء به الرسول، فيجب العلم والعمل والاعتصام بالكتاب والسنة، ولهذا قال مَن قال مِن السلف: الدين قولٌ وعملٌ وموافقة السنة. ولفظ بعضهم: لا ينفع قولٌ إلا بعمل، ولا ينفع قولٌ وعملٌ إلا بمتابعة السنة (¬٣). وقد قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠].
ولهذا كان مذهب الصحابة وجماهير السلف من التابعين لهم بإحسان وعلماء المسلمين: أن الإيمان (¬٤) قولٌ وعمل، أي: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح.
وأما من صدَّق بقلبه الرسولَ، وعرف أن ما جاء به حقٌّ، مع أنه يبغضه
---------------
(¬١) مطموسة في (م)، والقراءة تقديرية.
(¬٢) تقدم تخريجه (ص ٧٣).
(¬٣) انظر بعض هذه الآثار في «الشريعة» (٢٥٧، ٢٥٨) للآجري، و «شرح أصول الاعتقاد»: (١/ ٥٧) للالكائي. وانظر ما سبق (ص ٧٠).
(¬٤) غير واضحة. ولعلها ما أثبت.

الصفحة 257