كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق (اسم الجزء: 1)

فإذا كان مَن دون الأنبياء ليس له أن يسأل منازَل الأنبياء، فكيف إذا سأل ما هو من خصائص الإلهية؟ !
ولا ريب أن رفعَ الأمور الساترة عن مطالعة الغيوب مطلقًا لا يحصل (¬١) لغير الله تعالى، فإنه عالِمُ الغيبِ والشهادة، وإنما أَطْلَعَ مَن شاء من خلقه على قليل مما يشاء (¬٢) من علمه، كما قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥]، وقال: {أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [الإسراء: ٨٥].
وفي «الصحيحين» (¬٣): «أن الخَضِرَ قال لموسى لما نَقَر العصفورُ نقرةً في البحر: ما نقصَ عِلْمي وعلمُك مِن علم الله إلا كما نقص هذا العصفورُ مِن هذا البحر».
فإذا كان موسى الذي قال الله فيه (¬٤): {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥]، والخضر الذي قال فيه: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] عِلْمُهما في القِلَّة بهذه النسبة، فكيف بمن هو دونهما (¬٥)؟ !
---------------
(¬١) (ت): «يُجْعَل».
(¬٢) (م): «على ما يشاء».
(¬٣) أخرجه البخاري (١٢٢)، ومسلم (٢٣٨٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬٤) (ت): «عنه».
(¬٥) (ت): «من دونهما».

الصفحة 50