كتاب الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق (اسم الجزء: 1)
فإن قيل (¬١): هو سألَ العصمةَ من الاعتقادات المانعة من الإيمان، وهي إما شكّ وإما ظنّ وإما وهم، وغرضُه بذلك ما يذكره طائفة من السالكين من أنَّ النفسَ إذا زُكِّيَت عن الصفات المذمومة وحُلَّت (¬٢) بالصفات الممدوحة انتقشت فيها العلومُ والمعارف، كما يذكر ذلك صاحبُ الكتب المضنون بها وغيره في «الإحياء» (¬٣) وغيره.
قيل: الجواب في مقامين:
أحدهما: أنَّ هذا ليس مطلوب الداعي (¬٤) لوجوه:
أحدها: أن هذه الطريق فيها اجتناب الأخلاق والأفعال المذمومة (¬٥)، ففيها ترك الإرادات المذمومة لا مجرَّد ترك الاعتقادات الفاسدة، وهذا الداعي إنما طلب العصمة من جنس الاعتقادات، وهو الشكّ والظنّ والوهم. فإن الاعتقاد الذي ليس بجازم (¬٦)؛ إما راجح، وإما مرجوح، وإما مساوي (¬٧). فطائفة من النُّظَّار يسمُّون الراجِحَ ظنًّا، والمرجوحَ وهمًا، والمُساويَ شكًّا. وهو اصطلاح أبي عبد الله الرازي (¬٨) وغيره.
---------------
(¬١) وهذا هو الاحتمال الثاني لمعنى (الشكوك ... ) وتقدم الأول (ص ٥٧).
(¬٢) في (ت): «وجُليت».
(¬٣) انظر «الإحياء»: (١/ ٣١ و ٣/ ٢١).
(¬٤) العبارة في (ت): «ليس هو مطلوب هذا الداعي».
(¬٥) من (ت).
(¬٦) (م): «بجائز»، والصواب ما في (ت).
(¬٧) (ت): «متساوي».
(¬٨) انظر «المحصول»: (١/ ١٢) للرازي.