كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 2)

قاتله الله، لقد استرقّه الطّرب، وأمر بصرفه عن عمله [1] ، فلما صرف قال:
نساؤه طوالق، لو سمعها عمر لقال: اركبوني فإني مطية، فبلغ ذلك عمر، فأشخصه، وأشخص الجارية، فلما دخلا على عمر، قال له: أعد ما قلت، قال: نعم، فأعاده، ثم قال للجارية: قولي، فتغنّت [2] :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس ولم يسمر بمكّة سامر
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا ... صروف اللّيالي والجدود العواثر [3]
فما فرغت [من هذا الشعر] [4] حتّى طرب عمر طربا بيّنا [5] ، وأقبل يستعيدها ثلاثا، وقد بلّت دموعه لحيته، ثم أقبل على القاضي فقال:
لقد قاربت في يمينك، ارجع إلى عملك راشدا. انتهى.
وبالجملة فمناقبه عديدة قد أفردت بالتصنيف.
ومما رثاه به جرير:
لو كنت أملك والأقدار غالبة ... تأتي رواحا وتبيانا [6] وتبتكر
رددت عن عمر الخيرات مصرعه ... بدير سمعان لكن يغلب القدر [7]
وفيها، أو في سنة مائة، توفي ربعيّ بن حراش أحد علماء الكوفة وعبّادها،
__________
[1] في «مروج الذهب» : «وأمر بصرفه من عمله» .
[2] في «مروج الذهب» : «فغنت» .
[3] في «مروج الذهب» : «والجدود العوائر» .
[4] ما بين حاصرتين زيادة من «مروج الذهب» .
[5] في الأصل، والمطبوع: «حتى اضطرب عمر اضطرابا مبينا» وأثبت ما في «مروج الذهب» .
[6] في الأصل، والمطبوع: «وتبييتا» وهو خطأ، والتصحيح من «سير أعلام النبلاء» ، و «البداية والنهاية» .
[7] لم أجدهما في «ديوانه» المطبوع في دار المعارف بمصر بتحقيق الدكتور نعمان محمد أمين طه، وقد أوردهما الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (5/ 147) ، والعامري في «غربال الزمان» ص (94) ونسباهما لجرير. وأوردهما الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (9/ 212) مع أربعة أبيات، أخرى ونسبهما لمحارب بن دثار.

الصفحة 9