كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 3)

وزوّدته مالا سريعا نفاده [1] ... وزوّدني مدحا يدوم [2] على الدّهر [3]
ووجّه الأبيات مع وصيف وألف دينار، فلذلك قلت فيه قصيدتي الغرّاء التي سارت واشتهرت في العجم والعرب:
إنما الدّنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره
فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدّنيا على أثره [4]
حدّث الزّعفرانيّ قال: لما بلغ المأمون قول عليّ بن جبلة في أبي دلف:
كلّ من في الأرض من عرب ... بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة ... يكتسيها يوم مفتخره [5]
استشاط غضبا وقال: ويل لابن الزانية، يزعم أنا لا نعرف مكرمة إلّا وهي مستعارة من أبي دلف، وطلبه، فهرب، فكتب في طلبه وأخذه، فحمل إليه، فلما مثل بين يديه قال: يا ابن اللّخناء [6] أنت القائل كيت وكيت؟ وقرأ البيتين. أجعلتنا نستعير المكارم منه. فقال: عنيت أشكال أبي دلف، وأما أنتم فقد أبانكم الله بالفضل عن سائر عباده لما اختصكم به من النّبوّة، والكتاب، والحكمة، والملك، وما زال يستعطفه حتّى عفا عنه.
__________
[1] في «الأغاني» : «قليل بقاؤه» .
[2] في الأصل، والمطبوع: «يقيم» وأثبت لفظ «الأغاني» .
[3] الأبيات في «الأغاني» (20/ 25) .
[4] البيتان في «الورقة» ص (107) ، و «الأغاني» (20/ 15 و 25) ، و «وفيات الأعيان» (3/ 351) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 192) .
[5] البيتان في «الأغاني» (20/ 41) ، و «وفيات الأعيان» لابن خلكان (3/ 351) ، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 192- 193) .
[6] في الأصل: «يا ابن الخناء» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب.
قال ابن منظور: اللّخن: قبح ريح الفرج، وامرأة لخناء. ويقال: اللّخناء التي لم تختن.
«لسان العرب» (لخن) .

الصفحة 63