كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 3)

[الزّاغ] [1] فأنشدته:
أغرّك أن أذنبت ثمّ تتابعت ... ذنوب فلم أهجرك ثمّ ذنوب
وأكثرت حتّى قلت ليس بصارمي ... وقد يصرم الإنسان وهو حبيب [2]
فصاح: زاغ زاغ زاغ، ثم طار، وسقط في القمطرة [3] ، فقلت ليحيى:
أعزّ الله القاضي، وعاشق أيضا؟! فضحك، فقلت: أيها القاضي ما هذا؟
فقال: هو ما ترى [4] ، وجّه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد، وكتب كتابا لم أفضضه وأظنه ذكر فيه [5] شأنه وحاله. انتهى.
وقال ابن خلّكان [6]- رحمه الله-: رأيت في بعض الكتب أن المأمون رحمه الله كان يقول: لو وصفت الدّنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس:
ألا كلّ حيّ هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق
إذا امتحن الدّنيا لبيب تكشّفت ... له عن عدوّ في ثياب صديق [7]
انتهى.
وقال المأمون: الإخوان ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه أبدا، وهم إخوان الصفا، وإخوان كالدواء يحتاج إليهم في بعض الأوقات، وهم الفقهاء. وإخوان كالداء لا يحتاج إليهم أبدا، وهم المنافقون.
وكان سبب وفاة المأمون- رحمه الله تعالى- أنه جلس على شاطئ نهر
__________
[1] سقطت من الأصل، والمطبوع واستدركتها من «الجليس والأنيس» .
[2] البيتان في «سير أعلام النبلاء» (12/ 12- 13) ، ولفظ البيت الثاني منهما فيه:
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي ... وقد يصدم الإنسان وهو حبيب
وقد ساق الذهبي فيه هذه القصة باختصار في ترجمة يحيى بن أكثم.
[3] في المطبوع، و «الجليس والأنيس» : «في القمطر» .
[4] في «الجليس والأنيس» : «قال: هو ما تراه» .
[5] في «الجليس والأنيس» : «وأظن أنه ذكر في الكتاب» .
[6] في «وفيات الأعيان» (2/ 97) .
[7] البيتان في «ديوانه» ص (465) طبع دار صادر، ورواية الأول منهما فيه:
أرى كل حي هالكا وابن هالك ... وذا نسب في الهالكين عريق

الصفحة 87