كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 9)

توفي في رمضان عن ثلاث وثلاثين سنة.
وفيها القاضي محب الدّين محمد بن أحمد بن محمد بن الجناق القرشي الحنبلي [1] الإمام العلّامة.
اشتغل ودأب، وقرأ على الشيخ تقي الدّين بن قندس، ثم على الشيخ علاء الدّين المرداوي، وأذن له في الإفتاء، وولي نيابة الحكم بالدّيار المصرية، فباشره بعفّة. وكان يلقي الدروس الحافلة، ويشتغل عليه الطلبة، ولما استخلفه القاضي عزّ الدّين في سنة ست وستين وثمانمائة أنشد لنفسه:
إلهي ظلمت النّفس إذ صرت قاضيا ... وأبدلتها بالضّيق من سعة الفضا
وحمّلتها ما لا تكاد تطيقه ... فأسألك التّوفيق واللّطّف في القضا
وفيها قاضي القضاة شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد العمري العليمي- نسبة إلى سيدنا علي بن عليل المشهور عند الناس بعلي بن عليم، والصحيح أنه عليل باللام وهو من ذريّة عمر بن الخطاب رضي الله عنه- الحنبلي المقدسي [2] .
قال ولده في «طبقات الحنابلة» : ولد في سنة سبع وثمانمائة بالرّملة، ونشأ بها، ثم توجه إلى مدينة صفد، فأقام بها، وقرأ القرآن وحفظه برواية عاصم، وأتقنها، وأجيز بها من مشايخ القراءة، ثم عاد إلى مدينة الرّملة، واشتغل بالعلم على مذهب الإمام أحمد، وحفظ «الخرقي» [3] وكل أسلافه شافعية لم يكن فيهم حنبلي سواه، وهو من بيت كبير. ثم اجتهد في تحصيل العلم، وسافر إلى الشام، ومصر، وبيت المقدس. وأخذ عن علماء المذهب وأئمة الحديث، وفضل في فنون من العلم، وتفقّه بالشيخ يوسف المرداوي، وبرع في المذهب، وأفتى،
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (7/ 72) و «المنهج الأحمد» الورقة (500) و «السحب الوابلة» ص (350) .
[2] ترجمته في «المنهج الأحمد» الورقة (500) و «السحب الوابلة» ص (384) .
[3] يعني «مختصر الخرقي» .

الصفحة 469