كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 9)

سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة
فيها توفي شهاب الدّين أحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن خالد الإبشيطي [1]- بكسر الهمزة، وسكون الموحدة، وكسر المعجمة، آخره طاء مهملة- الشافعي ثم الحنبلي الصّوفي الإمام العلّامة البارع المفنّن.
قال العليمي: مولده بإبشيط [2] في سنة اثنتين وثمانمائة، وكان من أهل العلم، والدّين، والصّلاح، مقتصدا، في مأكله وملبسه، وكان يلبس قميصا خشنا، ويلبس فوقه في الشتاء فروة كبّاشية، وإذا اتسخ قميصه يغسله في بركة المؤيدية بماء فقط، وكان بيده خلوة له بقعة منها فيها برش خوص، وتحت رأسه طوبتان، وإلى جانبه قطعة خشب عليها بعض كتب له، وبقية الخلوة فيها حبال السّاقية والعليق، بحيث لا يختص من الخلوة إلّا بقدر حاجته.
وكان له كل يوم ثلاثة أرغفة يأكل رغيفا واحدا ويتصدق بالرغيفين.
وكان معلومه [3] في كل شهر نحو أشرفي، يقتات منه في كل شهر بنحو خمسة أنصاف فضة، وهي عشرة دراهم شامية أو أقلّ، والباقي من الأشرفي يتصدّق به. وكان هذا شأنه دائما، لا يدّخر شيئا، يفضل عن كفايته، مع الزّهد، ووقع له مكاشفات وأحوال تدلّ على أنه من كبار الأولياء، وانقطع في آخر عمره بالمدينة الشريفة أكثر من عشرين سنة، وتواتر القول بأنه كان يقرئ الجان.
__________
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 235- 237) و «المنهج الأحمد» الورقة (507) و «الذيل التام على دول الإسلام» (2/ 181) من المنسوخ.
[2] ابشيط من أعمال الغربية في مصر. انظر «التحفة السّنية» ص (71) .
[3] أي راتبه.

الصفحة 504