كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب (اسم الجزء: 10)

لا يثبت تحريمها إلّا بدليل معتبر، ولم يقم النووي دليلا على ذلك، ثم نقل تصحيح الجلال الدّواني لفتوى جدّه، ثم كلام الدّواني في «شرح الهياكل» حيث قال: الإنسان يستعد بالحركات العبادية الوضعية الشرعية للشوارق القدسية، بل المحقّقون من أهل التجريد قد يشاهدون في أنفسهم طربا قدسيا مزعجا، فيتحركون بالرّقص والتّصفيق والدوران، ويستعدون بتلك الحركة لشروق أنوار أخر، إلى أن ينقص ذلك الحال عليهم بسبب من الأسباب كما يدل عليه تجارب السالكين، وذلك سرّ السماع وأصل الباعث للمتألهين على وضعه، حتى قال بعض أعيان هذه الطائفة: إنه قد ينفتح لهم في الأربعينيات.
قال ابن الحنبلي: وكان مصلح الدّين قد حكم قبل هذا النقل بإباحة الرّقص أيضا بشرط عدم التثني والتكسر في كلام مطول. قال: ثم إن مصلح الدّين رحل في تلك السنة إلى مكّة، فحجّ وجاور، ثم رجع من مكة إلى حلب فقطن بها، واستفتي، ثم توجه إلى الباب الشريف ومعه عرض من قاضي مكّة عتيق الوزير الأعظم، فخلع عليه خلعة ذات وجهين، وأهدى إليه مالا، وأعطاه من جوالي مصر أربعين درهما في كل يوم، فظهر لها مستحقون، فلم يتصرف بها، ثم عاد إلى حلب، ثم رحل منها إلى آمد. انتهى وفيها- ظنا- زين الدّين منصور بن عبد الرحمن الحريري الدمشقي الشافعي [1] الشهير بخطيب السّقيفة، الإمام العلّامة.
كان خطيبا بجامع السقيفة خارج باب توما سنين كثيرة، وكان خادم ضريح الشيخ أرسلان مدة طويلة، وكانت له يد طولى في علوم كالتفسير والعربية، وكان صوفيّ المشرب، رسلاني الطريقة. أخذ عن جماعة، منهم: البدر الغزي، وله أرجوزة في حفظ الصحة، ورسالة سمّاها ب «رسالة النصيحة في الطريقة الصحيحة» .
__________
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 1/ 496- 498) و «الكواكب السائرة» (3/ 210- 215) و «معجم المؤلفين» (13/ 16) .

الصفحة 511